الرئيسية » الأرشيف » مفتشية بلمختار تطارد «الأشباح» بنيابة مراكش وقضاة جطو يتعقبون صفقات البرنامج الاستعجالي

مفتشية بلمختار تطارد «الأشباح» بنيابة مراكش وقضاة جطو يتعقبون صفقات البرنامج الاستعجالي

الكاتب: 
إسماعيل حريملة

على امتداد أيام الأسبوع الأخير عاشت المصالح الخارجية لوزارة رشيد بلمختار بمراكش حالة استنفار قصوى، فتحولت مجمل المصالح والأقسام بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين والمديرية الإقليمية للتربية الوطنية إلى خلية نحل لا تتوقف فيها الحركة، وعلامات التوتر والارتباك بادية على تقاسيم وجوه أطرها ومسؤوليها، ولسان حالهم لا ينفك عن ترديد الدعاء المأثور» الله يدوز الساعة بخير، ويخرج الطرح بسلام«.
فعلى غير موعد مسبق وبدون سابق إعداد أو تنسيق، بدأت  تمطر سماء المصالح المذكورة بوفود استثنائيين، حلوا من جهات وأجهزة مختلفة حاملين معهم مجاهر التدقيق والتفتيش لرصد بعض المعلومات والمعطيات المتعلقة بالصفقات والموارد البشرية.
قضاة جطو بالمجلس الأعلى للحسابات، شرعوا في مطاردة مختلف التجهيزات والمعدات التي توصلت بها المصالح الخارجية لوزارة التربية في إطار البرنامج الاستعجالي، وعادوا بافتحاصهم إلى سنة 2008.
في الجهة المقابلة، وقفت عناصر المفتشية العامة لوزارة التربية الوطنية مدججة باستفساراتها وأسئلتها الخاصة برصد الموارد البشرية التابعة للمديرية الإقليمية للوزارة، والنظر في مدى الالتزام بالمساطر والقوانين المرعية في تدبير هذه الموارد، في محاولة لرصد أي ثغرة  أو قناة تسرب قد تكون منفذا تسربت منه بعض العناصر لولوج عالم «الأشباح».
انطلقت عناصر المفتشية في اقتفاء آثار بعض رجال ونساء التعليم، وتتبع مسارات تحركاتهم وتنقلاتهم بين تضاريس الخارطة المدرسية بالمدينة، بحيث لم تتردد في الانتقال لبعض المؤسسات  وطرق أبواب مسؤوليها ومدرائها، للتدقيق في الملفات والوثائق الخاصة ببعض الحالات.
انتهت العملية «على مافيش»، حيث لم يتم الوقوف على أي حالة شاذة من شأنها حشر المصالح النيابية في شباك الإحراج والمساءلة، غير أن مجهودات عناصر المفتشية لم تخرج «من المولد بلا حمص» على رأي أهل الكنانة، بعد أن رصدت التحريات والتحقيقات غياب  أرشيف خاص بالموارد البشرية وقدمت ملاحظتها في هذا الإطار.
أرجعت الأسباب إلى عملية التجميع التي همت العديد من النيابات الإقليمية بعد دخول مراكش نظام وحدة المدينة، ما فرض توحيد ثلاث نيابات (سيدي يوسف بن علي، المدينة، والمنارة) في نيابة واحدة ووحيدة، ما أدى إلى بعثرة الأرشيف  وضياع الملفات في زحمة عملية التجميع المومأ إليها.
  رجال إدريس جطو بدورهم، انكبوا في الوقت نفسه، على وضع كل تفاصيل الصفقات المبرمة في  إطار البرنامج   تحت مجهر  الافتحاص والتدقيق.
تم التركيز في العملية على مجمل  التجهيزات الخاصة بالحواسيب والتجهيزات المكتبية وكذا المعدات والتجهيزات المعتمدة بالمختبرات، مع محاولة رصد مسارات  توزيعها بالمؤسسات التعليمية.
وقد وجهت آليات الافتحاص اتجاه مستودعات التخزين بالمصالح الخارجية لوزارة التربية الوطنية، والكشوفات الخاصة بها بمختلف المصالح والأقسام المعنية إن على مستوى النيابة أو الأكاديمية، قبل الانطلاق تجاه فضاءات بعض المؤسسات التعليمية، للنظر في مدى ملاءمة المعطيات الواردة بالكشوفات والوثائق الإدارية بالمتوفر بأرض الواقع داخل المؤسسات التعليمية التي تم انتقاؤها بشكل اعتباطي.
المعلومات المتوفرة تؤكد بأن الافتحاص يأتي في سياق تتبع ومحاولة الكشف عن مجمل مظاهر «الارتجال» التي انفجرت خلال نهاية الموسم الدراسي المنصرم، وانتهت بفتح أبواب التحقيق القضائي في وجه بعض الأطر الأكاديمية بالعاصمة الرباط، والتي أماطت اللثام عنها تسريبات بعض المكالمات الهاتفية لمسؤولين معتبرين، تنز ببعض غيض من فيض الاختلالات والتجاوزات بالطريقة التي تم اعتمادها في تدبير الصفقات الخاصة بالبرنامج الاستعجالي لإصلاح منظومة التعليم، والذي لهف حوالي 50 مليار سنتيم من المال العام، لينتهي بالفشل الذريع، ما أدخل المشروع برمته دائرة «من الخيمة اخرج مايل».
حقيقة تدوير الصفقات المومأ إليها والتلاعبات التي شابت تعامل شركات بعينها حظيت بنصيب محترم من «كعكة» البرنامج، خاصة في ما يتعلق بمعدات وأجهزة لا تخلو من «حرف إن»، كانت في قلب شكاية  تقدمت بها بعض الهيئات الحقوقية التي تنشط في مجال حماية المال العام ومحاربة الرشوة، خصوصا بعد ظهور مؤشرات وبوادر تؤكد على عدم جدية المصالح المختصة في الذهاب  إلى الحدود النهائية للقضية لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات في إطار مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

الأحداث المغربية