الرئيسية » الأرشيف » سامي صبير يكتب : الماروك والمرووك

سامي صبير يكتب : الماروك والمرووك

الكاتب: 
سامي صبير -مراكش 24

 

عندما ترتفع درجة الحرارة إلى 37 درجة في بعض الدول الأوربية يتحول الأمر إلى كارثة طبيعية وخسائر بشرية وحيوانية، وقد تعلن الحكومة عن حالة طوارئ خوفا على سلامة المواطنين.
فمثلا. تخيلوا معي ماذا ممكن أن يحدث لـ”شهب الرأس” لو ترتفع درجة الحرارة في السويد إلى 45 درجة؟. وكيف ستتعامل الدول المثلجة طيلة أشهر السنة مع هذه الحرارة، بعدما كانت قد تعودت على إعداد جوازات السفر والحقائب لموظفيها، وترسلهم للاستمتاع بجمال “الماروك” واكتساب سمرة صحية في 26 درجة.؟
من الأكيد أنها ستعمل على أن تخفف بشكل ما من معاناة مواطنيها، وتعوضهم عن ويلات “الصهد” كما عوضتهم على ويلات الأيام المثلجة، وربما سيضخون في مختبراتهم ميزانية خلق جيل كامل من أصحاب الخمس والأربعين درجة، وإذا كان بعض علمائهم قد اخترعوا القبة الحديدية فلعلهم يخترعون قبة ربيعية ليضمنوا لمواطنيهم الاستمتاع بفصل الربيع طيلة السنة، لا أحد يعرف تحديدا ما يمكن أن يفعل “شهب الرأس” ليحافظ على ثقة شعبه عملا بقاعدة “الإنسان أثمن رأس مال”.
لا يمكن “لنصارة” إلا أن يكونوا متفائلين بمسئوليهم، و”يفوجوا” على أنفسهم بزيارات سياحية إلى الماروك، ويأخذوا صورا زائفة لجمال “المروووك”، لأن حقيقة الأمر تتعلق بالحياة المعيشية لهذا الشعب المسكين التي لا تظهر في الصور.
فإذا كان السائح العابر يأخذ صور تذكارية لتأريخ لحظة يحاول الحفاظ عليها، فإنه وللأسف لا يستطيع أن يحتفظ إلا بألبوم من الكذبات المصورة، أي أن الحقيقة لا تظهر في صور سياحية.
والخطير في المسألة أنه من شأنها أن تغرس في عقول الجيل الصاعد أفكارا خاطئة وحقائق زائفة، لذا فالحال أننا يجب أن نعترف بأن الفرق عظيم بين التفاحة والرمانة، وبأن الأمر يشبه نكتة غير مضحكة تدور حول شخص بلغ عن حادث تعرض له وأخبر الإسعاف بأن المصاب سائح أجنبي، ولما استفسروا عن الأمر برره بأن الإسعاف في بلاده لن تأتي ما لم يفعل ما فعل.
وهكذا عوض أن يضع القوم ثقتهم في مسئوليهم أضحوا يفضلون الكذب بخصوص جنسياتهم سواء من جل صحتهم أو مستقبلهم، والنتيجة هي ما نرى اليوم أمامنا جيل كامل يخجل من وطنه ومسئوليه.
ولعل أنه من الطبيعي خجل شعب لا يعيش إلى على الخبز والزيت ولا يملك إلا مستشفى تبعد كيلومترات على “الدوار”، وتنقطع عنهم الحياة في الشتاء وويلات “الصهد” في الصيف.