الرئيسية » 24 ساعة » إنتحل صفة وكيل الملك .وصرف أزيد من 200مليون بملاهي ليلية بمراكش

إنتحل صفة وكيل الملك .وصرف أزيد من 200مليون بملاهي ليلية بمراكش

عبد الحميد زويتة

بعد 3 سنوات من المعاناة مع  البطالة  سيتحول (هشام ) من حامل للإجازة في الحقوق  كله أمل في الحصول على منصب بوزارة العدل إلى أشهر منتحل لعدد من الصفات التي ينظمها القانون وسيتمكن عبر عمليات نصب وإحتيال محكمة  من تحصيل قرابة  200 مليون سنتيم  في ظرف سنة واحدة بمدينة مراكش عبر توهيم ضحاياه بمنصبه المزعوم  داخل وزارة العدل و الذي يمنح له  حسب مزاعمه إمكانية  حل العديد من القضايا العالقة بالمحاكم بمكالمات هاتفية بسيطة  قبل أن يسقط في أيدي العدالة   بعد أن فر لمدينة الصويرة لتكون بذلك الفرقة الأمنية التي أوقفته أول من واجه كلامه المنسق الذي تطغى عليه نبرة سلطوية حادة  سبق أن خدع بها أزيد من 16 ضحية بعد أن أسقطهم في شباكه وجعلهم يؤمنون  بإنتمائه لسلك القضاء


هشام من مهنة خفيفة إلى مهنة صعبة في مواجهة الحياة والإدارة

ويحكي أحد أصدقائه  أن (هشام ) حصل  على الإجازة في شعبة الحقوق من جامعة القاضي عياض سنة 2006  بعد إلتحاقه بمدينة مراكش قادما من مدينة الفقيه بنصالح مباشرة بعد حصوله على بكالوريا أدبية بمعدل فاق 16 على 20  ويضيف أحد زملائه السابقين في الدراسة الجامعية  أن الشاب الوسيم المتميز بذكائه   إشتغل  في إنجاز وصياغة البحوث الجامعية  الخاصة بالطلبة بحي الداوديات بمراكش لمدة سنة موازاة مع مشاركته في إجتياز عدد من المباريات قصد الولوج إلى سلك العدالة والدرك الملكي والشرطة  قبل ان يهتم بالإشتغال كوسيط بين مواطنين تسرب لهم الملل من رتابة الإدارة المغربية ومؤسسات إدارية يصعب فهم مساطرها المعقدة على غير المختصين والعارفين بخبايا القانون 

وهم الذكاء والمعرفة بعد الدخول في دهاليز فلسفة القانون

ويضيف زميله في الدراسة (ح.ب) أن هشام أصبح منذ سنة  2010 شخصا أخر اكثر ذكاءا وأناقة  بعد أن تعمق في معرفة خبايا القوانين عبر مراجعة أمهات الكتب القانونية مركزا خلال فترة توسيع معارفه الموسوعية  على فلسفة القانون الفرنسي قبل أن ينطلق في دراسة معمقة لمدة أشهر حول قانون المسطرة الجنائية وقانون المسطرة المدنية والعقد الإجتماعي وقانون الوظيفة العمومية وهو ما مكنه من كسب تعاطف عدد من المحاميين بهيئة مراكش نتيجة ذاكرته القوية التي تسمح له بسرد فصول وبنود القوانين المعمول بها بشكل لافت للنظر .

أول إنتحال صفة يجلب 10 مليون سنتيم وهشام يستعد لمواجهة حياته الجديدة

تشجيعات و إعترافات العديد من الشخصيات المنتمية لأسرة القضاء في حق هشام ساهمت قي الرفع من معنوياته وزادت من ثقته بنفسه وأوهمته أنه فعلا ظاهرة إستثنائية بإمكانه حل القضايا المستعصية على القضاء بإستعمال معرفته وخبرته المكتسبة  بالقوانين ظنا منه  أن ذلك لن يشكل أي خطر عليه وهو ما دفعه  لإنجاز أول عملياته الناجحة منتحلا  صفة محامي  قصد حل مشكلة قضائية بين شركتين  تجاريتين بمراكش وهي العملية التي أقنع من خلالها الطرفين بشكل سحري  مستلما   مبلغ 10 ملايين سنتيم إضافة إلى كلمات شكر في حقه   بعد إجرائه لمحادثات ماراطونية بين  المتنازعين وحملهما على فك الخلاف

نجاح العملية الأولى أبعده عن الإحساس بالفشل الذي ظل يراوده بعد مضي ازيد من3سنوات أملا في الالتحاق بصفوف أسرة العدالة  وهو ما زاد من رغبته في  التنقل بكل حرية وكبرياء  كل ما سمحت له الفرصة عبر المحاكم الموجودة بجهة مراكش تانسيفت الحوز بواسطة سيارات فارهة تعود في ملكيتها غالبا لوكالات كراء  السيارات السياحية .حاملا معه أزياء أنيقة يتوجها جلباب تقليدي من الطراز الأصيل الذي يلبسه الوزراء والبرلمانيون ورابطات عنق جميلة  ونظارات شمسية تقيه من أشعة الشمس التي اصبح  يتفاداها في النهار  بعد أن إعتاد  سهر الليالي الملاح بأرقى الملاهي الليلية بالمدينة الحمراء وألف  الرجوع  في الساعات الأولى من الصباح رفقة سائقه الجديد في إتجاه  الشقة التي إكتراها بالحي الشتوي بمنطقة كيليز الراقية

بعد حصة تدليك…. هشام يصبح “قاضيا” مكلفا بمهمة خاصة بوزارة العدل

مصاريف حياة البذخ والترف التي يعيشها هشام  أصبحت جد مرتفعة بعد تعرفه على شخصيات من عالم المال والأعمال بمراكش  فالصوائر والمصاريف االمرتفعة للتنقل عبر المطاعم الفاخرة والملاهي الليلية التي يرتادها  لخبطت كل حسابات إبن مدينة الفقيه بنصالح .قبل ان يطلق العنان لخياله الواسع  في سبيل إيجاد شركات أخرى متنازعة وفك خلافاتها وبالتالي العيش بسخاء إلى جانب ثلة من الأغنياء .

و في لحظة من لحظات الإسترخاء التي غالبا ما كان يستمتع بها  داخل أحد مراكز التدليك الراقية بالحي الشتوي   قرر هشام التخلص من شخصية  الوسيط المحاور بين الشركات و التي تقمصها لمدة 3 أشهر بعد أن تعذر عليه الحصول على قضية شبيهة بعمليته الأخيرة  .ليحسم في الأمر ويودع شخصية هشام “الوسيط ”  ويصبح  هشام القاضي الذي أسندت له مهمة داخل وزارة العدل .وهو ما صرح به  لإحدى المدلكات الجميلات بعد إنتهاء حصة  التدليك .لتبادر لتوها وتطلب منه التدخل لإستصدار قرار قضائي لصالح والدها في إحدى القضايا العالقة أمام  إحدى محاكم المملكة وهو ما قبل به هشام شريطة الإتصال به ليلا عبر الهاتف للتحدث أكثر عن التفاصيل

بطاقة مزورة  على سيارة هشام العاطل .ترفع أعداد طالبي الحصول على وظيفة 

المكالمة الهاتفية التي إستقبلها بإرتياح كبير ستكون  أول قضية كبيرة تدفع هشام لمزيد من عمليات النصب والإحتيال فعندما صرحت  المدلكة عبر الهاتف  بتوفرها على مبلغ 30 مليون سنتيم من أجل القضية التي سبق وتكلما بخصوصها بادر هشام لطلب نصف المبلغ  نقدا وانتظار شهرين قبل استصدار الحكم الذي إدعى أنه سيكلم بخصوصه شخصيات نافذة بوزارة العدل

وبعد المدلكة توافد الضحايا بشكل تلقائي وخصوصا بعد أن وضع هشام على الواقية الأمامية لسيارته بطاقة يتوسطها خطين احمر وأخضر مدعيا حينما يكون بمراكش أنه قاضي ومكلف بمهمة بوزارة العدل وحينما يكون بمدينة أسفي يصبح ظابط سامي بالقوات المسلحة الملكية وحين يكون بالصويرة يقدم نفسه على أنه وكيل الملك .وأصبحت شخصية هشام أقوى من أن يتحكم فيها وفي رغباتها الليلية والتي كانت تستلزمه يوميا مابين 2000 و5000 درهم بعد أن  أصبح  زبونا محترما  بملهى ليلي هو وسائقه الذي كانت تخصص له إدارة الملهى ركنا خاصا به

بعد شخصية القاضي شخصية وكيل الملك والشرطة تبحث من بعيد

وفي إنتظار الليل الصاخب الذي تمسك هشام بسهراته الماجنة  أصبحت شخصياته المفترضة تسبح  في فضاء من الفوضى شبيهة بتلك التي يخلفها السكارى بعد إنتهاء كل ليلة صاخبة تتخللها عربدات منتصف الليل  فتنقلات  هشام االسريعة بعدد من المدن بجهة تانسيفت الحوز  لم تكن لتمر دون مراقبة أعين أمنية بادرت للبحث والتحقيق  دون أن تثير ادنى شبهة بعد  توصلها  لمعلومات مشوشة بخصوص هوية هذا الموظف السامي و القاضي و وكيل الملك الذي يملك  عصا سحرية يستطيع أن يحصل من خلالها على مبالغ مالية مهمة .كما أن شخصيته المبتكرة قادرة على  إقناع الضحايا بالإنتظار شهرين أو 3 أشهر حتى يحين الوقت للحصول على مأذونية نقل خاصة بالطاكسي أو الحصول على وظيفة بجهاز الشرطة أو الدرك الملكي للراغبين في ذلك

وبعد إنتهاء كل عملية من مجموع عملياته التي أصبحت تتسع دائرتها لتشمل حتى المبالغ الأقل ضخامة   يذهب هشام دائما لملاقاة شخصيات وازنة من أجل توهيم  الشرطة التي يعرف أنها تتربصه دون أن تقترب منه .لكن أعين الأمن هذه المرة إكتفت بنقل رقم تسجيل  السيارة المكتراة فقط ورحلت

الشرطة تحقق وتدقق في هوية “القاضي

في اليوم  الثاني من تواجده بمدينة الصويرة قرر هشام أن يذهب لأحد الحمامات القريبة من مقر إقامته .فأرسل في طلب سائقه الذي حمله في إتجاه حمام “غيثةبتجزئه البرج ……. وعلى ما يظهر فهشام يود التخلص من الضغوط النفسية التي أصبح يعاني منها نتيجة الاتصالات الهاتفية التي بدأت تتزايد مطالبة بتنفيذ العهود التي سبق وقطعها مع عدد ممن انتظروا 3 أشهر بمراكش ومن ضمنهم مسؤول كبير بإحدى القاعات السينمائية بمراكش وأطر ومهندسي دولة وأصحاب شركات و بنات هوى وسائقي طاكسي وطلبة عاطلين ..وكل هذا ما كان ليزعزع ثقة هشام بنفسه خصوصا بعد الاستمتاع بحمام ساخن و حصة من  ” التدليك البلدي” الذي يتقنه  “الكسال العامل بحمام غيثة ” بمدينة الصويرة

وفي الوقت الذي كان هشام يقوم بعملية استرخاء بالحمام كانت فرقة من قسم الأبحاث الأولى التابعة للشرطة القضائية  بالصويرة  تواصل البحث والتدقيق في هوية مكتري السيارة التي سبق وحصلت الشرطة على رقم تسجيلها و بناءا على رقم بطاقته الوطنية الذي توصلت به فرق التحقيق تأكد بما لايدع من مجال للشك ان الشخص المسترخي في الحمام مشتبه به ووجب على الفرقة الأمنية المختصة التأكد من هويته

دخول الحمام هده المرة لن يكون أبدا كالخروج منه فالفرقة الأمنية  التي إنتقلت على وجه السرعة نحو  الحمام كانت مستعدة لإستفسار هشام ومواجهته  بمجموعة من الأسئلة التي لن تكون هذه المرة عن بنود القانون أو فصوله التي يحفظها  عن ظهر قلب .ولكن ستكون حول البطاقة التي وضعها هشام على الواجهة الأمامية لسيارته

وكيل الملك” في مواجهة أسئلة الشرطة .وخبرة هشام تتوقف أمام حنكة المحققين

عند خروج هشام من الحمام  استنتج بسرعة أن الأشخاص الواقفين بينه وبين سيارته رجال شرطة وهو ما لم يحرك له ساكنا وخصوصا أن هذا  الموقف  سبق و تعرض له مرات عديدة طيلة هذه السنة وكانت الكلمة التي ينطق بها ” وكيل الملك” بمحكمة أسفي  كفيلة بأن تدفع رجال الأمن بعيدا عن هشام .لكن هذه المرة لم تفلح الكلمة السحرية في وجه الضابط المكلف بالعملية .والذي أعاد طلب إظهار هشام لبطاقته المهنية التي تثبث أنه وكيل الملك… السؤال الذي ألح عليه الضابط واجهه هشام مرة أخرى بنبرة سلطوية لا تخلو هذه المرة من تردد فطلب منه قائد الفرقة الأمنية أن يفتح سيارته ليكتشف أن السيارة تحتوي على  شواهد  مزورة و صور شمسية لعدة أشخاص و كذلك نسخ لبعض مقالات دعاوي بمختلف المحاكم وهو ما كان كفيلا بنقل هشام صوب مقر الشرطة هو و سائقه الذي إتضح من بعد أنه يعمل بالقوات المساعدة .اما هشام فقد إنهار أمام أسئلة المحققين التي كانت تركز في مجملها على إنتحال صفات ينظمها القانون قبل أن يتذكر  أن التكوين المعمق الذي سبق و دخل غماره عبر حفظ القوانين والمساطر لم يشمل أية خبرة ميدانية في تقنيات التحقيق العملية التي يتمتع بها رجال الشرطة وإتضح أن المعرفة والخبرة بالقوانين التي إكتسبها لم تكن وحدها كافية لإخراجه من هالة الأسئلة المحرجة  التي خلفتها  الخبرة الكبيرة لفرقة الأبحاث التي تستجوبه  فإعترف بالمنسوب إليه موضحا أن المبالغ المحصل عليها راحت عن أخرها قي الملاهي الليلية وكراء شقة راقية بحي كيليز إضافة لكراء السيارات الفخمة . ليتم تقديمه للعدالة بتهم النصب والإحتيال وإنتحال صفة ينظمها القانون