من بلاد منتجة للنفط ، إلى إمبراطورية لتهريب الكوكايين .. كيف وَرّطَ مادورو فنزويلا أمام المجتمع الدولي
منذ أن تولّى نيكولاس مادورو رئاسة فنزويلا عقب رحيل هوغو تشافيز سنة 2013، دخلت البلاد في دوامة من الأزمات المتلاحقة. دولة كانت قبل عقدين فقط من الزمن توصف بـ”جنة النفط” وواحدة من أكبر مصدّري الذهب الأسود في العالم، تحوّلت اليوم إلى بؤرة للفقر والجوع والهجرة الجماعية، وسط اتهامات متزايدة لنظام مادورو بالضلوع في شبكات التهريب والاتجار الدولي بالمخدرات.
فنزويلا كانت تمتلك أكبر احتياطي مؤكد من النفط في العالم، ما جعلها لعقود تعتمد على العائدات النفطية لتمويل برامجها الاجتماعية والاقتصادية. لكن سوء الإدارة، الفساد المستشري، والعقوبات الدولية أدت إلى انهيار شبه كامل للبنية الاقتصادية. وبدل أن تكون الثروة النفطية رافعة للتنمية، أصبحت لعنة ثقيلة أودت بالعملة الوطنية ودفعت بالملايين إلى الهجرة هرباً من الجوع وانعدام الأمل.
في خضم هذا الانهيار، تكاثرت التقارير الأمريكية والدولية التي تتهم مقربين من مادورو ومسؤولين عسكريين في حكومته بالضلوع في شبكات تهريب الكوكايين نحو الولايات المتحدة وأوروبا. بل إن القضاء الأمريكي وجّه في مارس 2020 تهماً مباشرة للرئيس الفنزويلي وعدد من أركان نظامه، متهماً إياهم بتشكيل ما يشبه “كارتيل مخدرات” يتستر بغطاء الدولة. واعتبر الادعاء الأمريكي أن مادورو حوّل مؤسسات الدولة إلى أداة لتأمين حماية طرق التهريب عبر الكاريبي.
هذه الاتهامات، إلى جانب الانهيار الاقتصادي وغياب الديمقراطية، أدت إلى عزلة خانقة للنظام الفنزويلي. فقد اعترفت عشرات الدول بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيساً انتقالياً في محاولة لقطع الطريق على مادورو، بينما واجه الأخير سلسلة من العقوبات الأمريكية والأوروبية شملت تجميد أصول وملاحقات قضائية.
ومع تزايد الضغط الداخلي والخارجي، لم يعد نظام مادورو يملك إلا قبضة الأجهزة الأمنية والجيش للبقاء في السلطة. لكن مراقبين يرون أن الشرعية التي كان يستمدها من “الثروة النفطية” ذهبت أدراج الرياح، وأن تورطه في تجارة الكوكايين يضعه في خانة “الأنظمة المارقة”، ما يجعل سقوطه مسألة وقت لا أكثر.
بينما يتواصل نزيف الهجرة الفنزويلية نحو كولومبيا ودول الجوار، يبقى الشعب هو الضحية الأولى لسياسات مادورو. من وفرة نفطية كانت تعد البلاد بمستقبل مشرق، إلى اتهامات بإدارة إمبراطورية تهريب كوكايين عابرة للقارات، يختصر المشهد الفنزويلي واحدة من أكثر قصص السقوط السياسي دراماتيكية في أمريكا اللاتينية.
مراكش 24 | جريدة إلكترونية مغربية مستقلة











