الرئيسية » 24 ساعة » قطاع الطيران..إيرباص تراهن على الزخم الصناعي المغربي لمواكبة وتيرة إنتاجها

قطاع الطيران..إيرباص تراهن على الزخم الصناعي المغربي لمواكبة وتيرة إنتاجها

تعول شركة إيرباص، الشريك التاريخي للمغرب، على الدينامية الصناعية المتصاعدة التي يشهدها قطاع الطيران بالمملكة من أجل دعم طموحاتها الإنتاجية العالمية. فمع سعي المجموعة الأوروبية إلى رفع وتيرة تصنيع طائراتها إلى مستويات غير مسبوقة، يبرز المغرب كشريك استراتيجي محوري يتيح لإيرباص ضمان استمرارية سلاسل التوريد وتحقيق أعلى معايير الجودة والتنافسية.

وتخطط إيرباص لإنتاج ما يصل إلى 75 طائرة من طراز A320neo شهرياً بحلول عام 2026، وهو هدف طموح يتطلب توسعاً في القدرات التصنيعية وشبكات الدعم اللوجستي على الصعيد الدولي. وفي هذا السياق، يشكل المغرب أحد الأعمدة الأساسية في هذه الاستراتيجية، بفضل البنية الصناعية المتطورة التي شُيّدت في مناطق مثل النواصر وطنجة، والبيئة الاستثمارية المستقرة التي توفرها المملكة.

ويُعدّ الاستحواذ الأخير لإيرباص على شركة Spirit AeroSystems بالدار البيضاء التي تصنع هياكل الطائرات، لاسيما طائرات A220 في منطقة النواصر، خطوة جديدة لترسيخ حضورها في المغرب وتعزيز قدراتها في مجال تصنيع مكونات الطائرات. فهذه العملية تفتح المجال أمام نقل أكبر للتكنولوجيا والخبرة، وتُرسّخ موقع المغرب كقاعدة صناعية متقدمة قادرة على تلبية متطلبات الإنتاج المتزايدة للمجموعة الأوروبية.

كما تستفيد إيرباص من التكامل الصناعي المغربي الذي يضم اليوم أكثر من 150 شركة عالمية تعمل في مجالات متخصصة مثل الأنظمة الكهربائية، والهياكل المركبة، وأجزاء المحركات، والتجميع الدقيق. هذا النسيج الصناعي المتكامل، الذي يشمل أيضاً استثمارات سافران وبوينغ وكولينز أيروسبيس، يمنح الشركة الأوروبية قدرة أكبر على المرونة والتنوع في سلاسل التوريد.

ويعود هذا النجاح إلى رؤية ملكية بعيدة المدى جعلت من قطاع الطيران ركيزة أساسية في الاستراتيجية الصناعية للمملكة. فقد تم الاستثمار في التكوين المتخصص عبر معاهد مثل ISMALA وIMA، ما أفرز جيلاً من الكفاءات المغربية المؤهلة وفقاً للمعايير الدولية. هذه الكفاءات أصبحت اليوم عنصراً أساسياً في خطط إيرباص لمواكبة ارتفاع إنتاجها وضمان الجودة والابتكار.

بالإضافة إلى موقعه الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط بين أوروبا وإفريقيا، يقدم المغرب لإيرباص ميزة تنافسية فريدة تتمثل في قربه اللوجستي من مراكز الإنتاج الأوروبية، إلى جانب الاستقرار السياسي والمناخ الاستثماري الجاذب، ما يجعل المملكة خياراً طبيعياً لتوسيع نشاط المجموعة.

إن رهان إيرباص على المغرب ليس مجرد شراكة صناعية ظرفية، بل هو جزء من رؤية طويلة المدى تهدف إلى بناء منظومة إنتاجية متكاملة تربط بين مصانع أوروبا ومنشآت المغرب. وبذلك، يرسخ المغرب موقعه كفاعل رئيسي في صناعة الطيران العالمية، ويصبح عنصراً حيوياً في معادلة النمو المستقبلية للشركة الأوروبية العملاقة.

في ظل هذه الدينامية، يتأكد أن العلاقة بين المغرب وإيرباص تجاوزت منطق التوريد إلى شراكة استراتيجية قائمة على الثقة المتبادلة، والقدرة على الابتكار، والمساهمة الفعلية في صناعة الطيران العالمية للقرن الحادي والعشرين.