الرئيسية » 24 ساعة » قضاء مراكش يحكم بعدم الاختصاص في إفراغ المحلات والشقق الحبسية

قضاء مراكش يحكم بعدم الاختصاص في إفراغ المحلات والشقق الحبسية

نزلت قرارات هيئة الحكم بابتدائية مراكش بعدم الاختصاص في بعض قضايا الإفراغ التي رفعتها مصالح وزارة أحمد التوفيق ضد بعض المواطنين الذين يستغلون محلات وشقق حبسية على وجه الكراء، بردا وسلاما على مئات الأسر المستهدفة بهذا النوع من الإجراءات.

أحكام اعتبرها المعنيون منصفة وعادلة وأرجعت الأمور لنصابها، وعكست بما لا يدع مجالا للشك  مشروعية موقفهم أمام محاولة مسؤولي الأوقاف  تشريدهم بدون وجه حق من منازل ومحلات ظلوا يحتمون بجدرانها طيلة عقود في احترام تام لالتزاماتهم مع الإدارة وفق ما تؤكده السجلات والوثائق.

القضاء من جهته نأى بنفسه عن هذه القضايا وفضل التزام الحياد من خلال إصداره لأحكام عدم الاختصاص، ما أربك حسابات نظارة الأوقاف بمراكش وجعل مسؤوليها يضربون أخماسا في أسداس وهم يجاهدون لفتح ثغرة جديدة في جدار قراراتهم المفاجئة، وإرغام آلاف الأسر على الخضوع للأمر الواقع وإجبارهم على إبرام عقود كراء جديدة بشروط مجحفة، دون أدنى مراعاة لما يمكن أن ينتج عن القضية من أضرار جسيمة في حق المكترين.

تعود فصول القضية إلى إقدام مصالح وزارة الأوقاف بمراكش على مراسلة العديد من الأسر التي تستغل محلات تجارية ومنازل سكنية حبسية على وجه الكراء تؤكد سطورها «أن النظارة ترغب في استرجاع المحل المكري لكم.. و تشعركم بفسخ العلاقة الكرائية.. ونلتمس منكم إفراغ المحل المذكور داخل أجل ثمانية أيام»، قبل أن تردف مراسلاتها  بتقديم دعاوى للقضاء تطالب من خلالها بفسخ  عقود الكراء وإفراغ المكترين بالرغم من العلاقة الكرائية التي تربطها بهم على مدار أزيد من عقدين من الزمن.

قرارات أدخلت الأسر المعنية دوامة الحيرة والإرباك  خصوصا وأنهم لم يتوقفوا على امتداد سنوات الكراء عن أداء المستحقات الشهرية، والمشمولة بنسبة 8 في المائة من قيمة السومة الكرائية، تحت بند تكفل النظارة بالصيانة والحراسة، دون أن تكلف نفسها يوما النهوض بهذه الأعباء.

الذريعة التي تم اعتمادها لركوب هكذا قرار مفاجئ، تمثلت في مدونة الأوقاف الجديدة الصادرة سنة 2010، ما يعني تطبيق بنودها بأثر رجعي على المكترين الذين يعود تاريخ استغلالهم لهذه المحلات التجارية والشقق السكنية إلى بداية التسعينيات من القرن المنصرم، ضدا على المادة 168 من المدونة نفسها والذي تؤكد سطوره على أن «الإجراءات المسطرية المتعلقة بعقود المعاوضات والأكرية الخاصة بالأوقاف العامة، التي تم الشروع في إبرامها قبل تاريخ دخول المدونة حيز التنفيذ تعتبر صحيحة وتبقى سارية المفعول الأحكام المتعلقة بها».

مقتضيات هذه المادة، اعتبرتها بعض الهيئات الحقوقية تطرح أكثر من علامة استفهام حول مشروعية عقد الكراء الجديد، الذي تعمل نظارة الأوقاف على إجبار المواطنين المستهدفين على التزام تفاصيله، وما تتضمنه أسطره من شروط والتزامات مغايرة، خاصة الفصل الذي ينص على أن «مدة عقد الكراء (3 سنوات) قابلة للتجديد بطلب المكتري، قبل انتهائها بثلاثة أشهر شريطة موافقة إدارة الأوقاف والزيادة في السومة الكرائية بنسبة 10 في المائة عند كل تجديد».

أمام كل المعطيات المذكورة، رفض المكترون  الخضوع لكل هذه التفاصيل، وأعلنوا تشبثهم بعقود الكراء السابقة باعتبار «العقد، شريعة المتعاقدين»، وبالتالي التلويح بتصعيد مواقفهم حال لم يتم التراجع عن هذه الإجراءات.

مسؤولو وزارة الأوقاف، برروا أسباب نزول هذه القرارات بكون المكترين ظلوا يستغلون محلات وشقق الأوقاف منذ سنة 1995، بنفس السومة الكرائية دون أن يكلفوا أنفسهم عناء زيادة نسبة 10 في المائة المتضمنة بالعقود المبرمة، ما أحدث نقصا في الاعتمادات المرصودة لتجهيز وصيانة مساجد المدينة والمرافق التابعة للأوقاف.

مبررات اعتبرها المواطنون المعنيون لا تستقيم ومنطق الواقع، خصوصا في ظل سياسة الكيل بمكيالين التي تعتمدها الإدارة في تصريف قراراتها المفاجئة، والتي ظل العديد من مستغلي محلات تجارية كبرى ومقاهي ومطاعم معتبرة تتواجد في قلب ساحة جامع الفنا تصل أرقام معاملاتها إلى  ملايين السنتيمات، في منأى عن هذه «الهجمة»، ولم تصل قرارات المطالبة بفسخ العقود إلى رقاب هؤلاء المحظوظين بالرغم من أنهم لا يؤدون سوى مبالغ كرائية هزيلة.

إسماعيل احريملة