فنزويلا على حافة الهاوية: مستقبل قاتم ينتظر اقتصاد بلد النفط خلال خمس سنوات القادمة
في شوارع كراكاس المزدحمة، قد يخيّل للمارّة أن الحياة تمضي كالمعتاد: بائع قهوة على الرصيف، زحمة حافلات، موسيقى صاخبة من متجر قديم. لكن خلف هذا الإيقاع اليومي، يقف اقتصاد فنزويلا أمام سلسلة سيناريوهات قاتمة تهدد وجوده في السنوات الخمس المقبلة، وكأن البلاد تسير على حبل مشدود فوق هاوية لا قرار لها.
شبح العقوبات… سيف مسلط دائمًا
بعد سنوات من التفاهمات الهشة مع واشنطن، يلوح في الأفق خطر عودة العقوبات بكامل قوتها. أي توتر سياسي أو حقوقي قد يعني إغلاق أبواب الأسواق أمام النفط الفنزويلي، وهو شريان الحياة الوحيد المتبقي للدولار. في حال حدوث ذلك، سيعود شبح الشحّ النقدي والاقتصاد الأسود إلى الواجهة.
و رغم الهدوء النسبي الذي تحقق مؤخرًا، تبقى ذاكرة التضخم الفائق حاضرة بقوة. وإذا استمر تمويل العجز عبر طباعة النقود، أو تعطلت قنوات الدولار القادمة من النفط والتحويلات، فإن الأسعار قد تنفجر من جديد، لتبتلع ما تبقى من القدرة الشرائية للناس.
تحسن الإنتاج النفطي مؤخرًا أعطى بعض الأمل، لكنه هشّ للغاية. أي خلل في البنية التحتية، أو حكم قضائي خارجي يجمّد الأصول، أو ببساطة هبوط عالمي في الأسعار، قد يعيد الاقتصاد إلى نقطة الصفر.
ظلام محتمل: أزمة الكهرباء
الانقطاعات الكهربائية لم تعد حدثًا استثنائيًا، بل شبه يومي في بعض المناطق. ومع اعتماد البلاد الكبير على سد “غوري” وغياب الاستثمارات، فإن أي جفاف أو أعطال كبيرة قد يدخل البلاد في ظلام طويل، يشل الصناعة والتجارة والخدمات معًا.
الهجرة الجماعية تحولت إلى جرح مفتوح: أكثر من سبعة ملايين فنزويلي خارج البلاد، والأعداد مرشحة للزيادة. موجات النزوح الجديدة قد تترك الداخل خاويًا من الطاقات الشابة، وتضعف أي فرصة لإعادة بناء اقتصادي مستقبلي.
فوق كل ذلك، يبقى العامل السياسي هو المهيمن. انتخابات متنازع عليها، احتجاجات، قمع أو عزلة دولية جديدة… كلها كفيلة بدفن أي فرص لإصلاح اقتصادي أو لرفع القيود. في هذه الحالة، ستظل فنزويلا عالقة في دائرة مفرغة من الأزمات.
بين اليأس والفرص الضائعة
الصورة تبدو قاتمة، لكن الهشاشة نفسها قد تتحول إلى فرصة لو اختارت السلطات مسارًا مختلفًا: إصلاح جاد للكهرباء، اتفاقات نفطية طويلة الأجل، ضبط مالي ونقدي، وضمانات حقيقية للاستقرار السياسي.
إلا أن السؤال الذي يفرض نفسه: هل تمتلك فنزويلا الإرادة لتغيير مسارها قبل أن تبتلعها العاصفة المقبلة، أم ستبقى عالقة في لعبة الانتظار، حيث يتحول كل يوم عادي في شوارع كراكاس إلى مشهد من واقعية سحرية قاتمة؟
مراكش 24 | جريدة إلكترونية مغربية مستقلة











