الرئيسية » الأرشيف » صحف إماراتية : آفة التدخين تقتحم عادات وتقاليد نساء مراكش

صحف إماراتية : آفة التدخين تقتحم عادات وتقاليد نساء مراكش

الكاتب: 
الإمارات اليوم مراكش 24

التدخين من إحدى ظواهر المجتمع المغربي التي لم تعد تقتصر فقط على الرجال وإنما تجاوزت الحدود لتدخل عالم النساء وتصبح ظاهرة بصيغة المؤنث أكبر من انتشارها بين الرجال.

أصبحت المرأة المغربية تقبل على السيجارة بشكل كبير متحدية الأعراف والتقاليد، غير آبهة بنظرة المجتمع لها ، والأكثر من ذلك، أنَّ هذه الآفة أصبحت تزداد يومًا بعد يوم، رغم أنَّ عادت وتقاليد المجتمع المغربي أو العربي ترفض هذه الظاهرة بصفة عامة.

وتعتبر مدينة مراكش من بين المدن المغربية الكبرى التي تعرف انتشارًا موسعًا بين صفوف نسائها لهذا الظاهرة الخطيرة التي تشق طريقها في المجتمع المراكشي بوتيرة متسارعة.

وتنتشر هذة الظاهرة أكثر بين المراهقات اللواتي يتحدين بعضهما بعضا في تعاطي السجائر وتدخين الارجيلة والإقبال عليها بشغف كبير وبشكل موسع، وللخوض في أسرار الإقبال على هذه الظاهرة من طرف النساء.

أجرى “المغرب اليوم” هذا التحقيق للتقرب من أسباب ودوافع  ونتائج هذه الآفة الخطيرة والمميتة التي تنتشر في السنوات الأخيرة بين صفوف النساء المراكشيات من مختلف الأعمار والفئات المجتمعية .

كشفت فنانى تشكيلية مريم  ذات( 38 عامًا)، أنَّ “ظاهرة تدخين النساء رغم اعتبارها من الأمور المرفوضة في المجتمع المغربي، إذا تعلق الأمر بامرأة تدخن أما إذا تعلق برجل فالأمر عادي وبسيط ولا يمكن محاسبته على أي شيء وهذا يرجع لان المجتمع المغربي رغم الانفتاح والتطور الذي يعرفه في السنوات الأخيرة”.

وتابعت:  “إلا أن المجتمع المغربي كباقي المجتمعات العربية الذكورية التي ترفض أن تعطي المرأة حريتها وتحقق مطالبها وحقوقها في أن تفعل ما تشاء طالما  لم تتعدى حريتها  أو تتجاوز حدودها في مع الغير أو تؤذي أحدًا، حتى وأن تعلق الأمر بشيء شخصي فهي دائمًا تتلقى الانتقادات والرفض سواء من الأسرة أو الأصدقاء وحتى المجتمع”.

وأضافت: “رغم أن ظاهرة التدخين منتشرة منذ زمن بعيد في المجتمع ويقبل عليها الرجل بشكل كبير دون أن يحاسبه أحدًا أو يسمع انتقادات من أحد، فعلاقتي بالتدخين بدأت منذ ثماني سنوات بعد وفاة زوجي، لا أعرف كيف ولكن وجدت نفسي أجرب السيجارة رفقة مجموعة من الأصدقاء الذين كنت احتفل معهم بمعرضي الأول”.

وذكرت “وجدت نفسي أدخن بعدها وأدمنت التدخين الذي تسبب لي في عديد من المشاكل العائلية مع أمي وإخوتي وعدد من صديقاتي اللواتي رفضن هذا الوضع، إلا إنني لا استطيع أن اكف عن التدخين أدمنت السيجارة وتعودت عليها، ولا استطيع أن اقلع عنها، رغم أني حاولت مرارًا وتكرارًا لكن دون جدوى”.

وقالت:  “صراحة أخذت الموضوع على محمل التحدي ولا استطيع الآن تركه بسهولة، وأدخن في البيت في العمل وفي كل مكان لا أهتم بكلام الناس ولا لنظرة المجتمع القاسية، فالناس يتكلمون سواء دخنت أم لم أدخن، وكما يقال من يحاول إرضاء الناس يخسر نفسه، ورغم أني أم فانا لم اسمع يومًا كلمة انتقاد أو لوم من ابنتي فهي تعتبر ذلك مسالة شخصية ولا تتدخل فيها”.

ومن جانبها، أكدت عاملة في مجال السياحة إلى “المغرب اليوم”، لطيفة( 25 عامًا)، أنَّ “تجربتي الأولى مع التدخين كانت بدافع الفضول، عندما كنت طالبة في معهد السياحة وقبل تخرجي بسنة، وجدت مجموعة من الطلبة والطالبات يجتمعون في إحدى الصالات الفارغة وكانوا يدخنون السجائر، فتقدمت لأجرب ما يحسونه وما يشعرون به بعد تدخين هذه السيجارة التي تعد شيئا منبوذا في المجتمع المغربي”.

 

وتابعت: “جربت السيجارة لأول مرة، فشعرت بإنتعاش غريب وفريد من نوعه الأمر الذي دفعني لمحاولة تجربتها مرة أخرى وهكذا حتى أصبحت مدمنة، دون علم عائلتي التي لا تعرف حتى الآن أني أدخن، أردت أن اقلع عدة مرات إلا أنني لم انجح في ذلك، لاسيما وأنَّ  المجتمع ينظر إلي نظرة احتقار بسبب السيجارة خاصة في العمل”.

وأضافت: “لدي رغبة قوية في الإقلاع لاسيما في هذه الفترة التي استعد فيها للدخول إلى القفص الزوجي، فخطيبي لا يعلم أني أدخن وأريد أن أقلع فعلًا حتى لا ادخل فيما لا تحمد عقباه، بالإضافة إلى الأضرار الصحية التي يتسبب فيها التدخين على مستوى الأعضاء، لاسيما للنساء اللواتي يعتبرن أكثر عرضة من الرجال لمختلف الأضرار الصحية الناجمة عن التدخين والتي تنتشر بسرعة في أجسامهن وأولها سرطان الرئة والرحم وغيرها”.

كما أضافت طالبة في الجامعة شعبة  الآداب الفؤنسي هند( 18 عامًا)، أنَّ “علاقتي بالتدخين لم تكن غريبة فأنا تربيت في وسط عائلي الكل فيه يدخن بدء بوالدي وإخواني الشباب ومعظم أفراد العائلة، حيث كنت أجد السيجارة مرمية في كل مكان في المنزل، في غرف النوم والصالون وحتى المطبخ والحمام، ما جعلني أفكر في تجربتها لأرى ما الذي يجعلها رفيقة لنا في مراحل الحياة”.

وتابعت: “فمرة دخلت حمام المنزل وأشعلت إحداها وقمت بتجربتها، بداية اختنقت ولم استطع التنفس وأسعلت لمدة طويلة، لكن بعد ذلك شعرت بانتعاش مميز، فصرت أدخن في السر بين الحين والآخر، ولم يستطع أحد في المنزل أن يعرف ذلك، لاسيما وـن رائحة السجائر تعودنا عليها في المنزل”.

وأشارت، إلى أنَّ “أمي دخلت غرفتي في إحدى المرات دون أن تطرق الباب حيث وجدتني أدخن في الشرفة، الأمر الذي جعلها تفقد أعصابها وتخبر أبي بالموضوع، الذي قام بضربي بشكل وحشي إلى أن أغمي على، لكن بعد ذلك رجعت مرة أخرى إلى التدخين متحدية الكل، وهذه المرة أقوم بالتدخين أمام الجميع، رغم العنف الشديد الذي تلقيته من أمي وأبي وإخواني إلا أني كلما تعرضت لذلك كلما أقبلت أكثر على السيجارة، وأمام الجميع إلى أن تقبلوا الموضوع”.

وأردفت: “كلما سمعت انتقادًا كان ردي ولما أنتم تدخنون إذا أقلعتم سأقلع أنا أيضَا، الآن أنا أدخن أكثر من 3 سنوات وأمام أسرتي، وفي المقهى وحتى في الشارع ولا أهتم لما يقال، طالما التدخين لا يعاقب عنه القانون فلا شيء يمنع ذلك”.

وفي هذا الصدد، صرحت عاملة في إحدى المقاهي الراقية في حي جيليز في مراكش، كلثوم( 28 عامًا)، أنَّ “علاقتي بالتدخين بدأت منذ 6 سنوات منذ أن باشرت العمل في هذا المقهى، حيث أن عملي المتواصل لاسيما في الفترات الليلية عندما يكثر الضغط، تطلب مني أن أدخن ولا أعرف لماذا فقط أني رأيت زميلاتي ومعظم العاملين هنا يدخنون فأقبلت أنا أيضًا على ذلك”.

وتابعت:  “طبيعة عملي تفرض عليا ذلك، ولا أرى عيبًا في تدخين المرأة فكما للرجل الحق في إشعال سيجارة في الشارع وفي أي مكان يقصده فالمرأة كذلك لها الحق في القيام بذلك، أنا اسمع وأرى انتقادات كثيرة لأني امرأة تدخن ويزعجني ذلك كثيرًا لكن لا أهتم في أغلب الأوقات”.

وأضافت، أنَّ “المشكلة لا تكمن فقط في نظرة الرجل للمرأة المدخن واحتقارها بل حتى المرأة ترفض تدخين المرأة وترفض أن تراها تحمل السيجارة وتشعلها، فنحن في مجتمع يعطي قيمة للذكر أكثر من الأنثى”.

وكشفت السعدية( 44 عامًا)، مقلعة عن التدخين مؤخرًا، أنَّ “التدخين من أكثر الأمور السلبية التي ارتكبتها في حياتي والتي بدأتها أيام الدراسة في الجامعة، حيث دخنت أول سيجارة في فترة الامتحانات عندما كنت أعيش تحت ضغط كبير، وما شجعني على ذلك أني وجدت في الحي الجامعي الذي كنت أقيم فيه المحيط المناسب للتدخين والتشجيع من طرف عدد من الزملاء الذين كانوا يقبلون على التدخين ولا يرون عيبًا أو ضررًا في تدخين النساء”.

وتابعت: “أصبحت في مدة وجيزة مدمنة التدخين، رغم أني حققت نجاحًا على مستوى الحياة العملية والآن اعمل مديرة قسم المبيعات في إحدى الشركات الخاصة، إلا أني لم أحقق نجاحًا على مستوى الحياة الشخصية حيث قاطعتني أسرتي لسنوات عدة بسبب التدخين، ولم أتزوج، وذلك نظرًا لفكرة الرجل المغربية الذي يرفض بشكل قطعي الارتباط بامرأة تدخن”.

وأضافت:  “بقيت وحيدة إلى أن أصبت بسرطان الرئة الذي عانيت بسببه كثيرًا، وخسرت الكثير، ولم أجد أحدًا بجواري سوى أسرتي التي نصحتني بالإقلاع عدة مرات دون أن أبدى كلامهم أي أهتمام، خسرت صحتي ومالي وحياتي كلها بسبب التدخين وكدت أموت بسبب هذه الآفة الخطيرة، التي أقلعت عنها أخيرًا وعدت إلى رشدي لكن بعد فوات الأوان، بعد أن أصبحت في 44 عامًا وضعف بصري بسبب التدخين وأصبحت مصابة بضيق التنفس ولم اعد قادرة على القيام بمجهودات عضلي”.

ومن جهته، بيّن عبد الرحيم العثماني أستاذ علم الاجتماع، أنَّ “ظاهرة تدخين النساء في المجتمع المغربي عامة والمراكشي خاصة من بين الظواهر السلبية الخطيرة التي باتت تعرف طريقها بشكل موسع في المحيط، لاسيما في صفوف الفتيات القاصرات والمراهقات اللواتي أصبحن يقبلن بكل حرية على تعاطي السجائر وبشكل كبير.

وأشار إلى أنَّ “الظاهرة تنقسم  في المجتمع إلى نوعين إما أن المرأة تدخن لأنها جاءت من وسط يوصف بـ “المتفسخ أخلاقيًا” وتدخين المرأة هنا يجعل المجتمع دائمًا يربطها بذلك الوسط وإما أنها عاشت في وسط  يجعلها ترى التمييز بينها وبين الرجل ما يجعلها تدخل في تحدي لكل من تصادفه يحاول قمعها وحرمانها من حريتها ، غير آبهة بالتقاليد والعادات المغربية التي عادة ما تربط ظاهرة التدخين بالوصفة الاجتماعية الخاصة بالرجال”.

وأضاف: “ما يجعل هذه الظاهرة تعرف رفضًا كبيرًا في المجتمع أنها ترتبط بصفات تجعل المرأة المغربية تخرج عن النطاق والصورة التي رسمها لها المجتمع ككل والتي تتعداها إلى ما لا يمكن تقبله من طرف عقلية الرجل والأسرة المغربية بصفة عامة”.

وكشف، أنَّ “ظاهرة تدخين المرأة تعتبر في مجتمعنا المغربي نموذجًا لانحلال الأخلاق والسلوك الغير سوي، رغم أنَّها ظاهرة تعرف طريقها منذ زمن في حياة الرجل، الشيء الذي يدفع النساء إلى الدخول عادة في تحدي للعادات والتقاليد والأعراف المجتمعية ، لتكسير تلك القواعد دون مبالاة، ما يؤدي إلى نتائج سلبية تنتشر في المجتمع وتساهم في تعدد الظواهر الأخرى الناجمة عن ظاهرة التدخين”.

مهما تعددت الأسباب واختلفت إلا أنَّ النتيجة واحدة، وهي انتشار ظاهرة التدخين بين صفوف النساء من مختلف الأعمار والفئات سواء الغنية أو الفقيرة، بشكل سري وعلني وفي مختلف الأوقات والأماكن، منهن من ترغب في تثبيت استقلالياتها رغم أنها ترفض وبشدة مسالة التدخين، إلا أنَّها تحاول أن تظهر للمجتمع أنها إمرأة متحررة منفتحة عن طريق إشعال السيجارة بين صفوف المواطنين.