الرئيسية » الأرشيف » سامي صبير يكتب : الحشيش للجميع…؟ !

سامي صبير يكتب : الحشيش للجميع…؟ !

الكاتب: 
سامي صبير مراكش 24

سامي صبير 

عندما تتشوه خلقة مجتمع ما، فالسؤال الوجيه الذي يطرحه عامة الناس هو. من المسؤول عن توعية الملايين من شعب بلد معين؟ وكيف ظهرت آفة تجر شعبا بكامله إلى الهاوية بدون أي بوصلة تمنع سقوطنا مباشرة على “كنة” رؤوسنا.
وقد تعددت التسميات والتشوهات، حتى أضحيت بمجرد فتح نافذة غرفتك المكتراة على السطح، والإطلال على الشارع، تقع عيناك على مخلوقات مشوهة تسير بشكل غريب فوق الرصيف المقابل للنافذة، بعدها تتوجه نحو باب الغرفة. تفتحه وتنزل للشارع. تأخذ يسار الطريق حتى تصل لوسط المدينة، ثم تعود لمسكنك وتنام.
ولو فتحت مفكرة ودونت مسلسل المشاهد التي رأيتها عبر جولتك القصيرة، فلعل الصورة الوحيدة التي سترسمها عن الأشياء المتحركة في الطريق هي أنها مخلوقات حقيرة تائهة. ولعلك ستدرك أن الأنين الذي كان يخترق أذنيك طوال الليل، ليس سوى صوت معاناة مكبوتة داخل تلك الكائنات المتواجدة في كل مكان.
هل نحن تائهون؟ بل هل نحن واعون نعرف ماذا نريد أم مجرد جثت محششة تكدست داخل شاحنة تساق إلى طريق طويل مسدود؟.
بصراحة مثل هذه الأسئلة لا تحتاج الكثير من التفكير حتى نعترف بحقيقتها، فربما يكفي أن نفتح الجريدة ونتصفح خبرين أو ثلاث، حتى ندرك من نحن. ويمكن أن يحالفنا الحظ ونتعرف على شكلنا الغريب وسط صورة موضوعة في الزاوية البعيدة لصفحة الحوادث.
إننا نلتقي كل يوم وجها لوجه مع أشخاص يصدموننا بقصص تجعلنا نقف مدهوشين أمام ما نسمعه ونكونه في مخيلتنا من أحداث وظواهر متناقضة، وإلى أي شيء يمكن أن تتحول معاناة الفقراء. وحين تجلس في المساء وتمضي ساعتين أمام شاشة تلفاز مطفأ ولا تفكر في إشعاله من الأصل، فلا بد أن يتعلق الأمر إما  بالخوف من مشاهدة “فضيح كحل الرأس” الغير مضحكة، أو أن طبيبا نصحك بعدم التعرض لأشعة المواد الإعلامية بسبب انتشار ظاهرة تسمم جماعي. وذلك بعدما سمع بالصدفة وهو يتابع شريطا قديما لوزير الإعلام النازي “جوزيف جوبلز” يقول: “أعطني إعلاما بلا ضمير أعطيك شعبا بلاوعي”.
في الحقيقة إن الشعوب المتقدمة قد استخلصت من تجاربها، أن خلاص كل الشعوب هو التخلص من نشر الخزعبلات و “الطنز العكري”، وفي المقابل تحمل المسؤولية في توعية الملايين من أبناء الوطن.
وهكذا يمكن أن نتجنب أشباه المسوخ المشردة في الشوارع بدون أي سيطرة، لأنهم عاجزين عن التفكير في حلول لمشاكل واقعهم المعيش، فقد برزت عظام وجوههم واختفت ملامحهم من الجوع وكثرة التفكير في ديونهم إلى أن تحششت أدمغتهم بسبب كميات المخدر التي يستنشقونها في كل مكان. يقرؤونها في الجرائد وعلى التلفاز وداخل الأقسام، وحتى لوحة الإشهار المعلقة على سطح البناية ينبعث منها دخان مسمم طوال الوقت.
لذا فقبل التساؤل عن الأشياء الغريبة التي تطفوا فوق سطح المجتمع، يجب أن نسأل أنفسنا أي إجابة نريد من أشخاص انتفخت جماجم رؤوسهم بحشيش فكري رديء؟ وماذا ننتظر من شعب مهلوس يعاني الفقر والتشرد؟.