الرئيسية » 24 ساعة » حكومة المتعوس..

حكومة المتعوس..

nb-300x256-1-2

كمال اشكيكة
لا شك أن السيد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، والمكلف بتشكيل الحكومة، ينطبق عليه المثل الدارج “مراة المتعوس ماهي مطلقة ماهي عروس”. فبعد مراهنة العديد من المراقبين على أن حزبه سيمنى بهزيمة نكراء خلال انتخابات السابع من أكتوبر الماضي. دحض هذه التوقعات، بل وفاز بأكثر من عدد المقاعد التي سبق له الحصول عليها خلال إنتخابات 2011. وبهذا أصبح حزب العدالة والتنمية، أول حزب مغربي يستطيع أن يوسع من قاعدته الشعبية بعد قضائه لخمس سنوات في تدبير الشأن العام، ورغم تبنيه لعدد من الإصلاحات التي كان لها الأثر الكبير على جيوب ذوي الدخل المحدود. إلا أن هذا الفوز يرجعه مراقبون للأخطاء التي ارتكبها خصوم الحزب، قبل وخلال الحملة الإنتخابية. ولغياب منافس حقيقي وقوي.
رغم ما وصل إليه إخوان بنكيران من نتائج أبهرت الخصوم قبل المتعاطفين، واحتلالهم لقرابة الثلث من مقاعد البرلمان، إلا أنه وجد نفسه أمام عقبات لم يستطيع تجاوزها لتكوين الحكومة. وهي العقبات التي ما إن كان يزيل الأولى حتى يجد أمامه أخرى أكبر منها حجما، وهكذا كان بنكيران طيلة الثلاثة أشهر الماضية أشبه بمن يدور وسط متاهة، يصعب عنه الخروج منها، أو كتائه وسط الصحراء، ما إن يقترب من بركة ماء حتى يدرك أنها مجرد سراب.
لكن وبالعودة إلى الصراع القائم بين الأحزاب السياسية، سندرك أن كل واحد منهم يريد أن يستفيد من حصة الأسد من الغنيمة. حتى أصبحنا نرى أحزابا تغازل بعضها البعض، وأصبحت بين عشية وضحاها لا تقبل الدخول إلى الحكومة إلا بوجودها معا، وكأنها تريد أن تشكل قوة ضد الحزب القائد لتلك الحكومة. ففي الجزء الأول من المشاورات رأينا كيف كان بنكيران يتكلم عن سهولة المأمورية، وتيسير باقي الأطراف لعملية تشكيل الحكومة. لنجد أنفسنا خلال الجزء الثاني أمام إمتناع حزب التجمع الوطني للأحرار عن دخول حكومة بها حزب الإستقلال، وهو الأمر الذي تقبله بنكيران بعد حدوث العديد من المستجدات، أبرزها تصريح شباط، وما خلفه من إحراج للديبلوماسية المغربية. ليجد نفسه أمام بلاغ مشترك لأربعة أحزاب، ترفض التخلي على بعضها ودخول الحكومة متفرقة، في موقف أشبه بمومس ترفض مرافقة زبونها وترك صديقتها وحيدة، رغبة منها في جعل الزبون يقبل بمرافقتهما معا.
وأنا أكتب مقالي هذا، أصدر بنكيران بلاغه الذي يرد فيه على الأحزاب الأربعة. وهو البلاغ الذي أخرجه من جبة الحكيم الذي هاجم أعضاء حزبه يوم واحد قبل ذلك، وعاب عليهم مهاجمتهم لرئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، السيد عزيز أخنوش. وألبسه جبة المهاجم من جديد، حيث ورغم قصر البلاغ، إلا أنه حمل العديد من الرسائل، وعلى رئسها تحميله لأخنوش فشل المفاوضات وعرقلة تشكيل الحكومة.. وفتح الباب أمام إمكانية الرجوع إلى إنتخابات سابقة لأوانها، وإعلان تخليه عن حزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية…
إن ما أصبحنا نعيشه اليوم بالمغرب، من تحالفات تجمع مابين اليمين واليسار، وما بين الحداثي والمحافظ، وما بين الإشتراكي والليبرالي والتقدمي… تدل على أننا أمام نخب سياسية تمارس النفاق السياسي، أكثر مما تؤمن بمرجعياتها وإديولوجياتها. حيث وعوض تغليب الإيديولوجيات، والرجوع إلى القواعد. نجدها تغلب المصلحة الشخصية، وتكون أين ما كانت مصالحها ومصالح المقربين منها حتى وإن كان ذلك على حساب شعبية حزبها.