جسر رقمي بين أوروبا وإفريقيا.. الناظور ومرسيليا تدشنان المشروع العملاق “ميدوسا”
وصل كابل الألياف البصرية البحري “ميدوسا”، المملوك لشركة AFR-IX Telecom، يوم الأربعاء 8 أكتوبر، إلى محطة الهبوط في مرسيليا، في أولى محطاته ضمن مشروع ضخم يهدف إلى ربط جنوب أوروبا بشمال إفريقيا عبر شبكة عابرة للمتوسط.
الجزء الأول من المشروع سيربط مرسيليا بكلٍّ من الناظور في المغرب وبنزرت في تونس، مع بدء عمليات الهبوط ما بين نهاية أكتوبر وديسمبر المقبل.
وتمثل هذه المرحلة الافتتاحية خطوة أولى نحو إطلاق باقي نقاط الاتصال خلال عام 2026، مما سيسمح بتوسيع النظام تدريجياً ليشمل كامل حوض البحر الأبيض المتوسط. ويبلغ طول الكابل 8700 كيلومتر، وسيربط في النهاية تسع عشرة محطة بين الضفتين، في تجسيد لرؤية إنشاء شبكة رقمية موحَّدة بين شمال إفريقيا وجنوب أوروبا.
يتألف نظام ميدوسا من مقاطع تضم أربعاً وعشرين زوجاً من الألياف، قادرة على نقل ما يصل إلى 20 تيرابت في الثانية لكل زوج. ومن المقرر بدء تشغيل المرحلة الأولى في بداية عام 2026، ما سيجعل منه أضخم مشروع للربط الرقمي يُنجز في تاريخ منطقة المتوسط.
وقال نورمان ألبي، الرئيس المدير العام لشركتي AFR-IX Telecom وMedusa: “بوصول كابل ميدوسا إلى مرسيليا، أحد أهم الأقطاب الرقمية في أوروبا، نضع أسس مشروع سيُحدث تحولاً جذرياً في الاتصالات بين أوروبا وإفريقيا. فميدوسا سيكون محركاً للنمو الاقتصادي ومُحفزاً لتبادل المعرفة عبر المتوسط”.
اختيار مرسيليا كنقطة أولى للربط لم يكن صدفة، إذ أصبحت المدينة خلال السنوات الأخيرة مركزاً استراتيجياً للربط الرقمي ومركزاً رئيسياً لاستضافة البيانات في القارة الأوروبية.
ويحظى هذا المشروع بتمويل مشترك من الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج Connecting Europe Facility (CEF)، من خلال مشروعي ATMED – DG وATMED Nador – DG اللذين تديرهما شركة AFR-IX Telecom. ويهدف هذا الدعم إلى تعزيز الربط بين أوروبا وشمال إفريقيا ضمن رؤية قائمة على التنمية المستدامة والسيادة الرقمية.
ويُعد “ميدوسا” مشروعاً محايداً ومستقلاً، سيربط اثني عشر بلداً من ضفتي المتوسط، وهي: البرتغال، المغرب، إسبانيا، فرنسا، الجزائر، تونس، إيطاليا، مالطا، ليبيا، اليونان، قبرص، ومصر. كما سيسمح هذا الربط غير المسبوق بإنشاء ممر رقمي يصل البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي عبر البرتغال، وبالبحر الأحمر من خلال تمديدٍ مستقبلي نحو العقبة في الأردن.
وتُقدَّر كلفة مشروع ميدوسا بنحو 342 مليون يورو، ورغم أنه يُنفذ من طرف شركة خاصة، فإن أهميته الجيوستراتيجية دفعت مؤسسات أوروبية لدعمه بقوة. فقد ساهم الاتحاد الأوروبي بمبلغ 38.3 مليون يورو، بينما قدم بنك الاستثمار الأوروبي (BEI) تمويلاً بقيمة 40 مليون يورو في إطار برنامج GÉANT، الهادف إلى تحسين الربط بين شبكات البحث والتعليم الوطنية في بلدان الجوار الجنوبي.
وبفضل مشروع ميدوسا، تقترب أوروبا وإفريقيا أكثر من أي وقت مضى، ليس عبر طرق التجارة كما في الماضي، بل عبر قوة الألياف البصرية الصامتة التي تنسج اليوم جسراً رقمياً متيناً بين القارتين.
مراكش 24 | جريدة إلكترونية مغربية مستقلة











