الرئيسية » الأرشيف » وزارة التربية الوطنية وفيروس 90 في المئة

وزارة التربية الوطنية وفيروس 90 في المئة

الكاتب: 
ذ/منير الفراع ___مراكش 24

ذ/ منير الفراع 

 

نسبة النجاح في الدورة الاستدراكية لامتحانات البكالوريا برسم الموسم الدراسي 2014/2015م، تتجاوز عتبة 90 في المئة، وتقترب من نسبة نجاح بعض الرؤساء في بعض الدول العربية.

إن هذه النسبة لتثير العديد من التساؤلات خاصة إذا علمنا أن كل التقارير الدولية التي تتحدث عن التربية والتعليم تجعل المغرب دائما في ذيل قائمة الدول العالمية، بل حتى تلك التي كنا نعتقد أننا متفوقون عليها، كما أن المغرب نفسه يقر ويعترف بأنه يعرف أزمة في المنظومة التربوية، بل جعلها القضية الأولى له بعد قضية الصحراء المغربية، وأن كل المشاريع التي جاءت بها الحكومات المتعاقبة لم تفلح في إخراج التعليم من أزمته الحالية، ومع ذلك نجد أن نسبة النجاح تفوق 90 في المئة، وهي نسبة تفند هذه الأزمة من خلال الأرقام التي أعلنتها الوزارة، كما تجعلنا نشكك في هذه التقارير الدولية، لأن العالم اليوم لا يتحدث إلا لغة الأرقام 92،2 في المئة رقم له من الدلالات القوية ماله.

أن تكون نسبة النجاح أكثر من 90 في المئة فهذا يعني أننا لا نعيش أية أزمة، بل إن تعليمنا بحالة جيدة ومنظومتنا بخير ولا تعاني من أي خلل، وهذا تضليل ما بعده تضليل، وإلا كيف نفسر خرجات السيد وزير التربية الوطنية وحديثه عن فشل التعليم _حين حمل المدرس سبب فشله_؟؟ وكيف نفسر أيضا مشاريع الإصلاح التي تأتي بها الوزارات الوصية المتعاقبة على القطاع، بل وتنفق عليها أموالا طائلة ثم في الأخير تعترف بفشل هذه المشاريع -البرنامج الاستعجالي نموذجا_ و نحن نعلم أن الذي يحتاج إلى الإصلاح هو ما به خلل فعلا، أو أنه لا يرقى لتطلعات الدولة ورهاناتها؟؟ وإلا فما حاجتنا إلى الإصلاح مادام متعلمونا يحققون نسبا عالية في الامتحانات الاشهادية؟؟؟؟.

إن نسبة تفوق 92 في المئة تدعونا في الحقيقة إلى التأمل كثيرا فيها ثم إعادة التأمل من جديد، حتى لا تصاب منظومتنا بجنون فيروس الانتخابات الرئاسية في ببلداننا العربية، فإما أن المقررات أصبحت سهلة جدا وفي متناول أبنائنا وبناتنا، وأنها لا تتطلب عناء تفكير أو مجهود يذكر، وفي هذه الحالة ينبغي إعادة النظر في هذه المقررات وفي طريقة صياغتها حتى نستجيب للقدرات العقلية لأبنائنا وبناتنا وتساهم في تطويرها، وكذا تنمية مهاراتهم والرفع منها. وإما أن متعلمينا ولله الحمد اكتشفوا أن تحقيق وجودهم وكينونتهم لا يكون إلا من خلال الاجتهاد في طلب العلم، فاجتهدوا وبذلوا الوسع في إثبات وجودهم، وفي هذه الحالة لا يسعنا إلا أن نطمئن على مستقبل المغرب مادام أبناؤه قد أدركوا قيمة العلم والمعرفة في إعادة بناء مغرب الغد، ومن ثَم وجب أن نقف لهم احتراما وتشجيعا على ما بذلوه من جهد جعلهم يتخطون عتبة 90 في المئة، أما السيناريو الثالث فهو أن تعكس هذه النسبة تقدم وتطور على مستوى ظاهرة الغش، وتطور تقنياتها وأساليبها، وهنا لا يسعنا إلا أن ندق ناقوس الخطر، ونضع أيدينا على قلوبنا خوفا على مستقبل بلدنا الحبيب.