الرئيسية » 24 ساعة » كيف تصبح أستاذا في خمسة أيام

كيف تصبح أستاذا في خمسة أيام

nb-300x256-1-2
كمال اشكيكة
في جميع الدول التي تحترم نفسها، وتستثمر كل إمكانياتها في تنشئة الأجيال الصاعدة، يعتبر التعليم من أكثر القطاعات حساسية وأهمية، فباعتباره رافعة من رافعات التطور تخصص له نسب مهمة من ميزانية الدولة، كما تجند له النخب الكافية لتكوين رجال و نساء التعليم، تكوينا يحترم المهمة التي ستلقى على عاتقهم… إلا في بلدنا المغرب، الذي أصبح يمثل الإستثناء في كافة المجالات والقطاعات.
لم يترك المتعاقبون على مبنى وزارة التربية الوطنية والتعليم منذ الاستقلال وإلى اليوم، خطة ولا استراتيجية عمل إلا وقد جربوها من أجل تحسين القطاع، إلا أن جميعها باءت بالفشل وأصبحنا سنة بعد أخرى نتلقى صفعات التراجع في سلم مؤاشرات التعليم عبر العالم.
وقد جاءت سنة 2016 بالعديد من المفاجآت، التي على إثرها تفنن القيمون على الشأن العام في إهانتنا وتدميرنا كشعب بشتى الطرق وأغربها؛ ولعل ما خرجت به وزارة السيد بلمختار من حلول استعجالية لإنقاذ ما تبقى من قطاع التعليم يتجاوز كل الإهانات، بل و يعد جريمة حقيقية في حق أبناء هذا الوطن الجريح، يستوجب محاكمة كل من ساهم في هذه المهزلة التاريخية، محاكمة شعبية. فعوض أن ترضخ الوزارة ومعها الحكومة إلى مطالب الأساتذة المتدربين، و الأطر التربوية خريجو المدارس العليا للأساتذة، الذين يطالبون  بالإدماج في الوظيفة العمومية، أو على الأقل فتح باب الحوار بشكل جاد يؤدي للوصول إلى اتفاق مرضي لكلا الطرفين؛ أعلنت الوزارة عن مباراة لتوظيف أعداد من الأساتذة بالتعاقد، فتحت أبوابها في وجه القادمين من الجامعات في مختلف التخصصات دون زاد تربوي، ولا تكوين بيداغوجي.
ومن أجل إضفاء بعض الشرعية على مشروعها الفاشل، لجأت الوزارة إلى إقرار برنامج تكويني سريع، تغلب عليه الارتجالية و اللامعقول، ويشبه كثيرا تلك الكتيبات المليئة بالأخطاء، التي تباع على الأرصفة و تغريك بتعلم لغة أجنبية في خمسة أيام بدون معلم. وكأننا نعيش في بلد لا وجود فيه لمؤسسات متخصصة في تكوين الأطر التربوية.
إن قطاع التعليم، هو عماد التنمية، و اللبنة الأساسية التي تنطلق منها الأمم التي تسعى إلى التقدم و الازدهار، بل هو اللبنة التي تنتظم فوقها باقي المجالات الأخرى؛ فإن صلح صلحت معه باقي المجالات، و إن فسد ” فكان أبوك صالحا” . و الأمر لا يختلف عما أصبحنا نعيشه اليوم من تدني  مستوى الوعي لدى الشعب، و تفشي الأمية بنوعيها: الأبجدية و النوعية، مع الارتفاع المهول للجريمة و تعاطي المخدرات، و تفشي نزعات التطرف.