الرئيسية » الأرشيف » 7 عجائب معمارية غربية بالمغرب … ضمنها المسرح الملكي

7 عجائب معمارية غربية بالمغرب … ضمنها المسرح الملكي

الكاتب: 
الأخبار

في مغرب العجائب تتناسل الغرائب وتتوالد، فتخرج إلى الوجود معالم تستحق أن تسجل في كتاب النوادر. كثير من البنايات المغربية، التي تضم مؤسسات مختلفة، تصر على استفزاز المواطن بهندستها الغريبة المثيرة للجدل والمسيلة للحبر. «الأخبار» تقربكم من بنايات تستحق أن تصبح «الغرائب السبع» للبلاد.
لكل مدينة من مدن المملكة مرفق غريب، يجعله موضوعا للسخرية، سيما حين يتعلق الأمر بمؤسسة جاثمة على الصدور، مصرة على استفزاز المشاعر واستنهاضها.
مسرح مراكش.. فضاء الفرجة المصادرة
تحول المسرح الملكي بمدينة مراكش إلى موضوع للسخرية، ليس فقط في كثير من الكتابات الصحفية، بل في نقاشات وحوارات المراكشيين، سيما الوسط الفني بعد أن مات كثير من الفنانين دون أن يتحقق حلمهم بالوقوف على خشبة هذه المعلمة.
بني هذا المسرح سنة 1978، في موقع بقلب عاصمة البهجة، وفق تصميم يراعي الخصوصيات العمرانية للمدينة، وحين انتظر أهل الفن نهاية الأشغال فوجئوا بتوقفها تارة واستمرارها بإيقاع بطيء تارة أخرى، مع تسريبات حول اختلالات هندسية تبعث على الاستغراب، ومصاريف فاقت الغلاف المالي المخصص لهذه المعلمة التي طال انتظارها. وأمام هذا الخلل توقفت الأشغال بقرار من لجان تباينت تقاريرها، لكنها أجمعت على عيوب المسرح، حين افتتح رسميا سنة 2001 قبل أن يغلق من جديد وتستأنف أشغال الترميم سنة 2004 تحت مبرر إعادة تأهيل البناية، بعد أن تبين أنها غير مؤهلة لاحتضان الأعمال الفنية.
لكن أشغال التأهيل دامت أزيد من عشر سنوات، في سابقة معمارية، رغم أن الملك محمد السادس كان وراء إعطاء انطلاقة أشغال التأهيل، وتلقى حينها من المهندس المعماري وعودا بإنهاء الورش الاستدراكي بعد سنتين، على أبعد تقدير، مما جعل المسرح نقطة سوداء في وجه الحركة الفنية في المدينة.
حين نلقي نظرة من الخارج على البناية، نكتشف أن المهندس المعماري شارل بوكار استوحى الفكرة من مسارح الرومان القديمة، لكن زوار هذا المرفق الفني، خرجوا بانطباع وحيد، وهو أن الفرجة ليست متاحة للجميع حيث إن كثيرا من الكراسي لا تمكن الجالسين عليها من رؤية الخشبة أو الجزء الأكبر منها. وتبين بلغة المهنيين أنه «مسرح غير معتمد للفرجة»، حيث لا تتوفر فيه الشروط المعمارية والفنية للعرض والفرجة، وقيل إن هذا الخلل هو «مذبحة معمارية»، بدأ بخلل مالي الذي كان السبيل لخلل معماري، لكن التصدع امتد إلى قبة المسرح قبل افتتاحه، مما طرح أكثر من علامة تساؤل حول الورش الأطول زمنيا في تاريخ مسارح المملكة.
أما أهل الفن في مدينة مراكش، فيربطون الخلل المعماري بخلل تدبيري، ويؤكدون أن المعلمة تعاني من العقم، وعاجزة عن ولادة أعمال فنية ومسرحية ترقى إلى مستوى الفرجة التي يطمح إليها الجمهور.

خيرية عين الشق.. بناية بدون أحياء
في بداية شهر أبريل سنة 2005 زار ملك البلاد، محمد السادس مقر الجمعية الخيرية الإسلامية لعين الشق بالدار البيضاء، وبعد مغادرتها بساعة واحدة دخلت الفرقة الوطنية باب المؤسسة لتفتح تحقيقا مع مسؤولي هذا المرفق الاجتماعي انتهى بتقديم عدد منهم للمحكمة، وبعد سنة واحدة أصبحت الأحكام موقوفة التنفيذ، وحلم تحسين خدمات المؤسسة موقوف التنفيذ أيضا.
في عهد نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، تم ترحيل الأطفال إلى ملجأ بمنطقة الحي الحسني بالدار البيضاء، مستندة على قانون رقم 14/05 المتعلق بتدبير وتحسين جودة الخدمات التي تقدم لنزلاء المؤسسات الخيرية.
لم تشمل عملية الترحيل القيسري، النزلاء كبار السن، حيث ظل 178 منهم في المؤسسة الخيرية، مما فتح شهية المضاربين العقاريين، الذين تحركوا لشراء الأرض الممتدة على مساحة ستة هكتارات، ودخلت القضية في متاهة القضاء، حيث طالبت الجمعية الخيرية من نزلائها الكبار مغادرة البناية دون أن يكشف المكتب المسير عن الغاية من وراء هذا القرار.
تشكلت لجنة دعم نزلاء أبناء المياتم والخيريات بالمغرب ووزارة التنمية الاجتماعية للوفاء بتعهداتها إزاء النزلاء مع فتح حوار جاد ومسؤول من أجل الحيلولة دون تشريد 178 نزيلا، كما دعت اللجنة الوزارة الأولى إلى التدخل والتنسيق وإيقاف تضارب تداخل الوزارات في الشأن الاجتماعي.
ظلت البناية تبكي ماضيها، بعد أن تحولت إلى مكان مقفر، تنتظر إجلاء ما تبقى في أحشائها من أحياء، لتتحول إلى مرفق آخر لا يمت بصلة للعمل الخيري، على غرار شقيقاتها في الرضاعة، كخيرية دار الطالب لعين البرجة التي تحولت إلى ثكنة للدرك الملكي، والمركز الاجتماعي الحي الحسني الذي تحول إلى مفوضية للشرطة «الدار الحمرا».

عمارة واد لاو.. أيهما أسبق العمارة أم الطريق؟
قامت السلطات المحلية بمدينة واد لاو بإزالة جزء من البناية الضخمة التي كانت تعترض منتصف طريق «الكورنيش» بالمدينة الساحلية التي تبعد عن مدينة تطوان بحوالي 40 كيلومترا، وظلت محل استغراب زوار هذه المدينة. وكانت العديد من مواقع التواصل الاجتماعي التي تناقلت صورة البناية قد اعترتها الدهشة من هذه الظاهرة التي اعتبرتها غير طبيعية، متسائلة بنوع من السخرية، هل العمارة قامت باحتلال طريق «الكورنيش»، أم أن الطريق هي التي دخلت تطلب ضيافة هذه العمارة؟
وكان رئيس الجماعة الحضرية لواد لاو قد أكد في تصريح سابق لمراسل جريدة «الأخبار»، أنه تم الترخيص ببناء العمارة، في بداية التسعينات، مضيفا إلى أنه مع الشروع في تشييد «الكورنيش» بداية 2011، بعد القيام بمجموعة من الإجراءات المسطرية، وعلى رأسها المصادقة على الإعلان عن المنفعة العامة لتشييد الطريق، كان لابد من نزع ملكية القطع الأرضية اللازمة لذلك، طبقا للتصميم الهندسي والطوبوغرافي المعد لهذه الغاية. ومن بين البنايات التي شملتها عملية نزع الملكية لشق الطريق المذكورة هذه العمارة، إلا أن الجماعة وجدت صعوبات للاتصال بصاحبها الذي يقطن بأرض المهجر. وحسب بعض جيران الرجل المتضرر من تصميم التهيئة، فإن الأخير كان يسعى إلى إيجاد حل لمشكلته قبل أن يتدخل عضو من حزب العدالة والتنمية الحاكم، واعدا إياه باستصدار قرار من أعلى المستويات بحكومة حزبه، ضدا على التصميم الذي جعل جزءا من بنايته التي كان يعتزم تشييدها وسط الطريق، والتي ترفض السلطات السماح له بالبناء فوقه، حسب ما أوردت بعض المواقع الشمالية.

ملعب فيليب.. ممنوع على المتفرجين
في زنقة محمد سميحة بالدار البيضاء، تجثم بناية تسمى تجاوزا «المركب الرياضي العربي بن مبارك»، كانت تحمل في السابق اسم «سطاد فيليب» الذي شهد أولى بدايات كرة القدم المغربية على مستوى مدينة الدار البيضاء.
قصة هذا الملعب ترجع لبداية عهد الحماية، حيث بني على قطعة أرضية في ملكية معمر فرنسي يدعى فيليب لاك، الذي كان مساندا لفريق اليسام المغربي فوهبه أرضا لبناء ملعب لكرة القدم وقطعة أخرى لبناء ناد عبارة عن خمارة كان يقضي فيها اللاعبون والمسيرون وأنصار الفريق سحابة ساعات طويلة.
في سنة 2012 ظهر حفيد فيليب، ورفع دعوى قضائية بمحاكم الدار البيضاء، انتهت أطوارها بنزع ملكية الخمارة التي كان يستغلها نادي الاتحاد الرياضي للكرة الحديدية، مع منح هذا الأخير شقة حولها إلى مقر للجمعية.
صرفت جماعة سيدي بليوط ملايير الدراهم من أجل تحويل ملعب فيليب المترب إلى «معلمة رياضية»، وتبين أن الجماعة أهدرت مالا كثيرا في بناية لم تقدم أي إضافة للكرة في المنطقة، فلم يتمكن الملعب بهندسته الغريبة من استقبال الجماهير بسبب خلل هندسي فادح، ناتج عن انحدار مدرجاته، ماجعل الجمهور البيضاوي يلقبه بملعب «الموت»، ويتحول إلى مرفق يحاط بكثير من التعليقات الساخرة، بعد أن استوطن مدرجاته الحمام وأصبح الجلوس في مدرجاته يتطلب «أحزمة السلامة». حتى أرضيته أصبحت في حالة سيئة، ناهيك عن وضعية باقي المرافق كمستودعات الملابس المزرية، إذ أن الأطفال الذين يمارسون بمدرسة الوداد يعانون جراء غياب الماء الساخن، في ظل هذا الوضع تحولت المرافق المهملة إلى بيوت لإيواء مجموعة من الأسر التي لا علاقة لها بإدارة الملعب، فيما المرافق الموازية تشتغل بشكل عادي وتدر على أصحابها أموالا كثيرة خاصة المرآب الخاص للسيارات تحت الملعب والمحلات التجارية والمقاهي التي منحت لمستغليها في غفلة من القانون. على الرغم من تقارير المجلس الأعلى للحسابات والزيارات المتكررة لمفتشي وزارة المالية لهذا الملعب، واستنطاق المهندسين والآمرين بالصرف، إلا أن دار لقمان ظلت على حالها.
في شهر أبريل 2014 زار جيست فونتين، اللاعب الفرنسي السابق من أصل مغربي وصاحب الرقم القياسي للتهديف في بطولة واحدة لكأس العالم (13 هدفا عام 1958)، هذا الملعب وكان برفقة فريق تلفزيون فرنسي قدم إلى الدار البيضاء لإنجاز فيلم وثائقي حول حياته.
ذرف فونتين دموعا غزيرة وهو يقف في ملعب العربي بن مبارك، الذي كان يحمل سابقا اسم «ستاد فيليب» متأملا التحولات التي عرفها المكان، مسافرا في رحلة استحضر من خلالها اللحظات القوية التي عاشها في هذا الملعب والأهداف التي سجلها.
استاء النجم الفرنسي لوضعية الملعب ولإطلاق اسم العربي بن مبارك على منشأة يلفها الإهمال، وقال: «عيب أن نعذب العربي في قبره، إن هذا الهرم الكروي حمل شارة عمادة المنتخب الفرنسي، ولو كان التلفزيون حاضرا في زمنه لتحدث عنه الناس بنفس الإعجاب الذي يحيطون به ميسي ورونالدو».

مركز للتكوين المهني وسط القبور
لا يلتفت كثير من زوار مقبرة الشهداء بالدار البيضاء، لبناية وسط القبور تبعد بحوالي خمسين مترا عن الباب الثانوي للمقبرة، لأن الحزن والسكينة تلفها ولأنه لا يخطر على بال أحد أن ينبت بين قبور مركز للتكوين المهني بالتدرج، متخصص في شعبة الحدادة الفنية.
في كل صباح يدخل التلاميذ إلى المقبرة ليس من أجل زيارة ميتا عزيزا، بل لدخول فصل دراسي وحضور حصة دراسية في مجال التخصص، نفس الإشكال يعانيه المكونون الذين يدخلون للمقبرة لنشر المعرفة وتعليم الشباب حرفة تنفعهم في اليوم الأسود، في فضاء تنبعث منه رائحة الموت.
حسب أدبيات المركز المنشورة في مدخل البناية، فإن المؤسسة مفتوحة في وجه التلاميذ الذين أخطؤوا مسارهم التعليمي الرسمي، حيث يتم تعليمهم المبادئ الأولية لحرفة الحدادة، بشروط بسيطة يكفي التوفر على شهادة مدرسية للسلك الإعدادي، وشهادة طبية، وشهادة الإقامة للاستفادة من تكوين يوفر فرصة للشغل مدعم من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
تجد إدارة المؤسسة إحراجا في كتابة العنوان، لكنها تفضل ربط موقع المركز بحي جمال المجاور للمقبرة، تفاديا لأي إحراج، إلا أن واقع الحال يكشف عن أشياء مثيرة للسخرية، حين يجلس التلاميذ في فترة الاستراحة على القبور المجاورة يتبادلون أطراف الحديث عن أشياء أخرى بعيدا عن جدل الموت الذي استأنسوا به بحكم علاقة الجوار.
يقول مكون سابق تابع لمندوبية الصناعة التقليدية بالدار البيضاء، «إن المركز يعد من أغرب مراكز التكوين في العالم، لأنه خلق وسط عالم الأموات، لو كان المركز مختصا في التكوين المتعلق بصناعة شواهد المقابر أو نقش الرخام، لكان الأمر مقبولا إلى حد ما، لكن الحدادة تجعلنا نزعج الأموات في قبورهم».

قنطرة الموت في سيدي عثمان
بعد مرور حوالي خمسة أشهر على تدشين قنطرة تربط رصيفي شارع 10 مارس بالدار البيضاء، والفاصل تحديدا بين حي سيدي عثمان وحي مبروكة، انطلقت في شهر يونيو 2007، أشغال هدم القنطرة المعروفة بـ «قنطرة الموت»، بعد سلسلة من الانتقادات التي وجهت للجماعة الحضرية حول الطريقة العشوائية التي بنيت بها، رغم أن الهدف من إنشائها كان هو تسهيل المرور بين حي سيدي عثمان والسوق المعروف «اشطيبة»، إلا أن سوء تصميم القنطرة وبنائها على مستوى جد منخفض تسببا في عدة حوادث سير خطيرة للشاحنات التي كانت تستخدم هذا الشارع المؤدي من الطريق السيار إلى سوق الجملة للخضر والفواكه.
لكن الخطورة لا تكمن فقط في انخفاض علو القنطرة، بل في وضعها، حيث إن عابريها يمرون بالقرب من مسكن يمكنهم من معرفة ما بداخله مادام الدرج وضع بمحاذاة مع نافذة المسكن المجاور، بل إن السلم الإسمنتي الذي يعتبر مدخلا للقنطرة من الجهة الجنوبية، قد وضع عند باب محل يستعمله صاحب البيت كمستودع لسيارته مما تعذر عليه إدخالها إلى مخبئها.
وعلى الرغم من هدم القنطرة نتيجة عاصفة الاحتجاج التي رافقتها، إلا أنه لم يتابع أي شخص في القضية، وكأنها سجلت ضد مجهول.

مستشفى بن صميم.. قتله داء السل
يرجع تاريخ بناء هذا المستشفى إلى الحقبة الاستعمارية، وتحديدا سنة 1948، إذ كان ملاذا للمصابين بالأمراض الصدرية، خاصة داء السل، وعندما تم افتتاحه سنة 1954، توافد عليه المرضى الذين يجدون في موقعه أولا فرصة لاستنشاق هواء نقي من قلب الأطلس المتوسط، وثانيا فرصة للعلاج على يد أخصائيين أجانب، وفي سنة 1973، صدر قرار بإغلاقه في وجه المرضى، وتحول إلى بناية مهجورة على مساحة 40 هكتارا. ذهبت مطالب سكان قرية بن صميم أدراج الريح، خاصة وأن فعاليات المجتمع المدني دعت إلى تحويل البناية إلى منتجع سياحي يعود بالنفع على المنطقة وسكانها، ويفك العزلة عنها ويفتح آفاقا للشغل، لكن يبدو أن الغموض القانوني الذي يلف ملكية البناية حال دون ترجمة مجموعة من الملتمسات إلى واقع.
يقول فاعل جمعوي بمنطقة بن صميم إن أدبيات المستشفى أكدت أنه كان مقصد كثير من الفرنسيين الذين ترددوا عليه من فرنسا بالخصوص ومستعمراتها، سيما حين كان تابعا للإدارة الفرنسية. «كان مقامهم هنا بمثابة رحلة سياحية أكثر منها استشفائية بالنظر ليس فقط لمكان وجوده الخلاب، بل أيضا للتجهيزات التي كانت تتوفر عليها البناية، حيث كانت هناك قاعة سينمائية في الطوابق السفلية تحت الجبل وهناك فضاءات للتنزه وملاعب».
لا أحد يعرف سر إغلاق هذا المستشفى الذي كان يعد معلمة حقيقية في المجال الصحي، لكن بعض القراءات تحدثت عن إعدامه كما أعدمت في نفس السنة مدرسة عسكرية توجد في نفس المنطقة تسمى مدرسة أهرمومو، بل إن بعض أبناء المنطقة أكدوا أن الخطة الانقلابية أعدت في هذه المصحة كي لا يلفت الانقلابيون نظر المخبرين، وبعد انكشاف الأمر صدر قرار الإغلاق.
ما زالت البناية صامدة ضد عوامل التعرية بعد أن تآكلت كثير من تجهيزاتها، فيما تحولت بعض المرافق إلى فضاء لجلسات عابري السرير، وقيل إن شاحنة تابعة لوزارة الصحة حلت ليلا بالمكان ونقلت التجهيزات الطبية نحو وجهة مجهولة.