الرئيسية » الأرشيف » سامي صبير يكتب : الطنز العكري

سامي صبير يكتب : الطنز العكري

الكاتب: 
سامي صبير _ مراكش 24

 

 

عندما تكون الإشكالات في الشرق والحلول في الغرب، فذاك هو “الطنز العكري”.
والحال أن قضية التربية والتعليم بالمغرب يمارس عليها أكبر “طنز عكري”، فالجميع متفق بوعي أو بدونه أن التعليم فاشل وبلغ درجة الانحطاط، مما جعله يتجه إلى الهاوية ويجر معه المجتمع برمته، فقد سبق وأن لعب وزراء حكومتنا الموقرة دور البطولة في مسرحيات اللغة “العرنسية”، والتي عرفت نسبة مشاهدة لا بأس بها، فبعد “شوهة” مصطفى الخلفي وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة على قناة أوربا 1، حيث عبر الوزير عن مستواه الدراسي الركيك في اللغة الفرنسية التي كان يتحدثها، سارع  وزير التربية الوطنية والتكوين المهني رشيد بلمختار “بقسوحية سنطيحتوا” إلى خلق “شوهة” أخرى، حيث رفض الإدلاء بتصريح صحافي باللغة العربية لمراسلة قناة فرنسية، الشيء الذي اعتبره الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية جهل الوزير للغته الأم.
ومع توالي الفضائح، فإن ما فعله وزير الاتصال ورشيد بلمختار لا يعد شيئا أمام ما صرح به هذا الأخير “بقسوحية سنطيحتوا” مرة أخرى، بخصوص أزيد من ستة وسبعون في المائة من التلميذ لا يعرفون القراءة والكتابة، بالرغم من قضائهم أربع سنوات من التعلم في المدرسة المغربية، وما خفي كان أعظم.      
إن الحكومة إذا كانت تريد مصلحة أولاد الشعب، فلما لا تفتح تحقيق مع الشركات والمقاولات التي استفادت من ميزانية صفقات مخططات وبرامج إصلاح التعليم، فمادامت وعلى ما يبدوا النتائج كارثية، كان لا بد من التحقيق في الموضوع لمعرفة مدى جودة ما تستورده من حلول لإشكالية التعليم، وعوض أن تضيع أموال دافعي الضرائب على برامج بهذه المردودية، من الأفضل أن تصرف على أبحاث ودراسات لتشخيص أزمة هذا القطاع الذي نخرته السوسة منذ الثمانينيات وما تزال تنخر فيه.
على ما يبدوا فإن هنالك مؤامرة تحاك ضد المدرسة المغربية، فالسؤال الذي يطرح نفسه هو أين كان وزراء التعليم عندما كانت النسبة لا تتجاوز عشرة في المائة؟ ولما انتظروا حتى وصلت النسبة لما وصلت إليه؟
وعلى ما يبدوا فإنه لا توجد أي جهود للبحث عن إجابة لهذه الأزمة، والله يعلم ما المسكوت عنه، فالكارثة أن التعليم بالمغرب يحتل ذيل الترتيب العالمي، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول ملايير الدراهم من أموال الشعب التي تصرف على قطاع حيوي يدعى “التعليم” رغم أن المردودية الإنتاجية و الجودة المبتغاة لا توازي حجم الاستثمارات و لا تضاهي قيمة التطلعات.
في الحقيقة إن هذا الأمر لا يمثل خطرا على قطاع التعليم فقط، بل إنه يهدد الصحة العامة أيضا لأن واقع المدرسة العمومية ” تيطلع السكر”، وحسب الإحصائيات المتداولة حول الإصابة بداء السكري، فإن المغرب يحتل مرتبة متقدمة في العالم بنسبة إصابة وصلت إلى حوالي سبعة في المائة من مجموع السكان، والخطير أنه من المرتقب حسب إحصائيات المؤتمر الطبي بباريس فعدد المصابين بالسكري في المغرب سنة 2025 سيشمل تسعة في المائة من السكان، وهي نسبة خطيرة ستدخل وزارة الصحة هي الأخرى في خانة إنفاق أموال الشعب على ميزانية مخططات مستوردة، لن تختلف نتائجها عن مخططات التعليم الذي ربما خلال تلك السنة سيتجاوز مئة بالمائة.