الرئيسية » 24 ساعة » جامعاتنا اليوم؛ أزمة إصلاح

جامعاتنا اليوم؛ أزمة إصلاح

4

یاسین بن ایعیش*

 

إن واقع مؤسساتنا المجتمعیة بصفة عامة، وجامعتنا بصفة خاصة، وما یطبعھا من تأزم على مستویات التخطیط و التدبیر، یخلق ما لا حصر لھ من التوترات، مما ینعكس سلبا على مردودیتھا، ویكرس بونا شاسعا بین المستفیدین من ھذه المؤسسات، وبین من تولى لھم أمور تسییرھا. إن ھذا الواقع البئیس یدعونا لا محالة للاستفسار عن ماھیة الخلفیات التي تقف من وراء ھذه التوترات؟، وعن الكیفیة والسبیل الأمثل لتجاوزھا؟. لقد بات لزاما على المعنیین بالشؤون التعلیمیة والتعلمیة، في ظل ھذه السنوات العجاف التي لحقت بجامعتنا، أن یجددوا رؤاھم واستراتیجیاتھم بغیة الانفلات من قبضة شبح التقلید، فقد تبث أن الجامعة بالمغرب تستقطب أكبر عدد من طلبة العلم من داخل الدیار، إلى جانب طلبة من مختلف الدول الأجنبیة، ومن تمة كان حریا بمن یدبرونھا أن یكونوا أھلا للأخذ بزمام التسییر، وأن تتوفر فیھم شروط الشخص المناسب في المكان المناسب، حتى تتحقق الغایة التي أنشئت من أجلھا ولأجلھا الجامعات بالمغرب، كونھا تمثل جسرا لتفعیل العلاقات الإنسانیة والتعاونیة بین بلد المغرب وباقي دول العالم، ھذه الرسالة النبیلة التي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس نصره الله یكرسھا من خلال زیاراته الكثیرة لبلدان مختلفة. ولعل جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنیة بـــ: بنجریر، التي دشنھا جلالة الملك، ھي نوع آخر من ھذا الانفتاح على العالم مع تكریس الامتداد الوطني، والاستحقاق والإنصاف الاجتماعي، وھو الأمر الذي یغیب عن بعض المسؤولین بجامعاتنا، إذ أنھم یدنسون ھذه العلاقات الانسانیة سواء مع طلبة وطننا – المغرب – أو الطلبة الأجانب، فقد یضطر الطالب – مع الوسائل الكلاسیة أو الكلاسیكیة التي تعمدھا الإدارة – إلى الانتظار طویلا؛ لربما شھر أو سنة أو أكثر من ذلك، حتى یتمكن من استلام وثیقة قد لا تتطلب سوى أسبوع على الأكثر، بل قد یضطر الطالب إلى تحمل تبعیات أخطاء بالجملة ترتكبھا الإدارة، فتراه یثلوا كل حین قول الحق عز وجل ﴿فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِینَ﴾ یونس، الآیة 102، ولا یحفظ من آي النجاة إلا الدعاء، وغالبا ما یصاب الطالب بالیأس جرأ ھول وطول الانتظار، لیجد نفسھ قد أفنا كثیرا من الوقت داخل أسوار الجامعة، دون أن یتسنى لھ الامساك بالحلم الذي جاء لأجلھ، بل الأخطر من ذلك كلھ أن 2 الطالب جرأ ھذه التصرفات اللا مسؤولة، قد یصاب بنزعات الجھل والتطرف والانغلاق…، وھي من بین الآفات التي تحصن منھا التعلیم الذي تتوفر فیھ الجودة المطلوبة، ھذه الأخیرة التي یسعى لمواكبتھا جلالة الملك محمد السادس نصره الله، كما جاء في خطابھ السامي، الذي وجھھ إلى الأمة بمناسبة الذكرى 16 لعید العرش المجید، بتاریخ: 30یولیوز 2015، وجاء في ثنایاه:” شعبي العزیز، في سیاق الإصلاحات التي دأبنا على القیام بھا من أجل خدمة المواطن، یظل إصلاح التعلیم عماد تحقیق التنمیة، ومفتاح الانفتاح والارتقاء الاجتماعي، وضمانة لتحصین الفرد والمجتمع من آفة الجھل والفقر، ومن نزوعات التطرف ، وھو العھد الذي یخونھ بعض المسؤولین الذین یتنكرون لھذا والانغلاق.” الخطاب الملكي وغیره من الخطابات الرامیة للرفع من وتیرة نمو وجودة التعلیم المغربي، وبالمقابل تجدھم یستعملون أبشع طرق الشطط واللا مبالاة في خدمة الطالب المغربي والأجنبي أیضا عبى حد سواء، فھذا الأخیر ھو الآخر قد یعود أدراجھ؛ أي إلى مسقط رأسھ، وفي ذھنھ صورة قاتمة عن الجامعة المغربیة، مما قد یدفعھ إلى نھي كل من یفكر من أصدقائھ ولوج جامعة مغربیة، وبدل أن یحكي لزملائھ عن تحصیلھ الجید وجودة الخدمات بالجامعات المغربیة، یعد لھ من المشاكل والاختلالات ما لا یولد لدى المستمع شكا في العزوف عن إتمام دراستھ بالمغرب، وتفادیا لتأزم الأوضاع أكثر مما ھي علیھ الیوم، وجب البحث عن بعض الحلول الكفیلة بتجاوز ھذه المشاكل. معلوم أن حل أي مشكل یقتضي النفاذ إلى عمقھ، من أجل كشف مكمن الخلل. والشأن نفسھ یصدق على ھذه الأزمة الإصلاحیة بجامعاتنا، فلكي نتجاوز ھذه المشاكل؛ وجب أن ننظر أولا في من یسیر جامعاتنا الیوم، ھل ھم أشخاص یتصفون بالمسؤولیة، ویمتلكون آلیات التواصل الفعال للتعامل مع معیقات التقدم؟، أم أنھم یسھمون في كبح عجلة التقدم؟، كما یجب النظر في كفاءتھم العلمیة، حتى لا یظلم أھل الكفاءة؛ فتولى أمور الناس لمن طمس الجھل عقولھم. وسیأتي لنا مقال آخر مفصل حول: تبعیات سوء التواصل، وغیاب الكفاءة العلمیة عند بعض من یتربعون مسؤولیات حساسة داخل الجامعات المغربیة

طالب باحث