الرئيسية » 24 ساعة » جامعة صيفية تدعو إلى تواصل الشباب المغاربي

جامعة صيفية تدعو إلى تواصل الشباب المغاربي

محمد زريزر

شهدت مدينة مراكش ما بين 30 يونيو و01 يوليوز فعاليات الجامعة الصيفية المغاربية الثانية التي نظمها منظمة العمل المغاربي بشراكة مع مؤسسة هانس سايدل، حول موضوع: الشباب المغاربي والمشاركة السياسية.. بحضور عدد من الباحثين والخبراء والفاعلين السياسيين والمدنيين، وعدد من الشباب من الدول المغاربية الخمس.

استأنفت أشغال الجامعة بكلمة افتتاحية للدكتور إدريس لكريني رئيس منظمة العمل المغاربي أكد فيها على أهمية هذه الجامعة في ترسيخ التواصل والحوار مبرزا حرص المنظمة على إيلاء الاهتمام للشباب، معتبرا أن هذه الفئة هي أساس كل تقدّم، منوها بالتوجهات الناضجة التي عبر عنها الشباب المغاربي باتجاه احتضان مغاربي مشترك لفعاليات كأس العالم مستقبلا، ما يبرز إيمانه بأهمية وحيوية هذا البناء. معتبرا أن التعاطي البنّاء مع مطالب الشباب يبدأ من تطوير منظومة التعليم، وترسيخ الممارسة الديمقراطية وإرساء مقاربات تنموية تستحضر الشباب في عمقها..

وتمحورت الجلسة العلمية الأولى التي شارك فيها كل من الدكتور المصطفى منار(نائب عميد كلية الحقوق، سلا) والدكتور عبد القادر الكيحل(أستاذ بكلية الحقوق، سلا وفاعل سياسي) والدكتور عبد الستار رجب (أستاذ علم الاجتماع، جامعة تونس) والدكتورة نعيمة المدني(أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب مراكش) حول مفهوم المواطنة والمشاركة السياسية للشباب، والأشكال الجديدة للمشاركة السياسية وتمثلات الشباب القروي حول المشاركة السياسية، قبل رصد المشاركة السياسية للشباب في السياق التونسي، حيث تم التأكيد على أن تقنيات الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي وفّرت للشباب فرصا جديد لمواكبة الشأن العام؛ في تجاوز للقنوات التقليدية التي أضحت مطالبة بتطوير أدائها وخطاباتها، فيما أكدت مداخلات أخرى على أن العزوف الذي أصبح يميز المشهد السياسي في المنطقة المغاربية داخل أوساط الشباب، هو تعبير في جانب مهم منه على أزمة الثقة في المؤسسات والإطار القانوني، مع الإشارة إلى أن مقاطعة بعض المنتوجات في عدد من دول المنطقة، هي تعبير عن الرغبة في البحث عن نجاعة قنوات جديدة كسبيل للتأثير في السياسات العمومية وتغييرها ومساءلة لنجاعة القنوات الوسيطة.. ذلك أن الأشكال الجديدة للمشاركة والمتمثلة في الوسائط الاجتماعية والترافع الالكتروني، والحراك الاجتماعي غير المرتب، والديمقراطية المدنية، تفرض إعادة النظر في الممارسة السياسية التقليدية.

أما الجلسة العلمية الثانية، التي شارك فيها كل من الأستاذ سعيد هادف(كاتب من الجزائر) والدكتور رشيد اكديرة (أستاذ بكلية الحقوق في جامعة أكادير) والدكتور أحمد حضراني(أستاذ بكلية الحقوق في مكناس) والأستاذة إيمان الرازي (باحثة وفاعلة سياسية ومدنية) والأستاذ محمد البوعيادي (ناقد سينمائي) فقد تناولت الشباب والسياسة في الحالة الجزائرية، والثقافة السياسية للشباب المغاربي بعد حراك 2011، والشباب والخيار الجهوي والمشاركة السياسية، ثم الشباب المغربي والسينما من خلال قضايا التلقي والممارسة والتمثل..

وقد خلصت هذه الجلسة إلى أن الشباب لا يعزف عن السياسة بقدر ما يطمح لمشهد سياسيي محفز ويضمن مشاركة فعالة ومؤثرة، كما تم التأكيد أيضا على أن الضمانات القانونية غير كافية لوحدها لدعم المشاركة السياسية باعتبارها مكونا من مكونات العملية الديمقراطية، والتي لا يمكن أن تستقيم بدون ثقافة سياسية. فيما دعت إحدى الأوراق المقدمة إلى إصلاح المنظومة التعليمية وتدعيم وتشجيع الإنتاج العلمي حول الشباب، مع المطالبة بالاشتغال على موضوع التمثلات الاجتماعية للشباب حول الشأن السياسي من أجل فهم طبيعة المشاركة السياسية لهذه الفئة، وإقرار سياسات عمومية خاصة بالشباب وتفعيل الهيئات الخاصة بهم، وتأهيل الفاعل السياسي لاستيعاب التحولات السياسية والأشكال الجديدة للمشاركة السياسية.

أما مداخلات اليوم الثاني شهدت مشاركة كل من الدكتور عبد اللطيف بكور(أستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بآسفي) والأستاذ علي مغراوي(باحث في سلك الدكتوراه)، والدكتورة إكرام عدناني (أستاذة بكلية الحقوق أكادير)، والأستاذ عبد الصمد الكباص (باحث وإعلامي)، والأستاذ أحمد الدحماني(باحث ورئيس حركة بدائل مواطنة)، والدكتور محمد العابدة( أستاذ بكلية الحقوق بمراكش) والدكتور محمد الملقب الداه ولد الشيخ (باحث من موريتانيا)، والأستاذ علال الأزهر(الرئيس السابق لمنظمة العمل المغاربي)، والأستاذ راسم رجب محمد الكموشي (باحث من ليبيا)، فقد خلصت إلى أن المشاركة السياسية هي حق إنساني منصوص عليه في إطار القوانين الدولية والوطنية، وبأن الأسباب التي تجعل من الشباب عازفا عن المشاركة السياسية لها علاقة بتبخيس العمل السياسي، وانتشار البطالة، وتفشي الفساد.

كما تطرقت الأوراق المقدّمة إلى مجموعة من المُدخلات التي من شأنها المساهمة في الرفع من المشاركة السياسية للشباب، كإصلاح النظام السياسي، وإرساء أسس المواطنة، ونهج المصالحة السياسية، كما تم التأكيد على أن المشاركة السياسة تقتضي إرادة سياسية تغري الشباب، واعتبرت المداخلات أن تجربة “الكوطا” الخاصة بالشباب في المغرب هي تجربة مهمة تجد أساسها في مبدأ العدل وليس في مبدأ المساواة، مع التأكيد على أهمية عقلنتها وربطها بالكفاءة.

وتمّ التأكيد أيضا على أن تكنولوجيا الاتصال الحديثة تحولت إلى فاعل حقيقي، وبأنه لا يمكن تفكيك البنية المركبة للعزوف الانتخابي دون إعادة الاعتبار للشباب عبر مداخل سياسية وسوسيولوجية وقيمية واقتصادية.

كما دعا المشاركون إلى إطلاق حرية العمل السياسي للشباب داخل الأحزاب السياسية، وتأسيس برلمان مصغر على مستوى الجامعات والثانويات يشعر من خلاله الشباب في سن مبكر أنهم نواب وقادة وممثلين للشباب، وتخصيص برامج إعلامية يطرح فيها الشباب مشاكلهم والعوائق التي تقف أمامهم في جميع المجالات، وتنظيم ندوات ودورات تكوينية خاصة بالشباب وقضاياهم تتيح لهم الفرص للتعبير عن آرائهم وانشغالاتهم ، كما هو الأمر بالنسبة لهذه الجامعة الصيفية.

فيما تطرقت بعض المداخلات إلى الإشكالات التي تعيشها بعض الدول المغاربية كليبيا وتونس والتي أثرت بالسلب على مسار المشاركة السياسية تحت ضغط بعض التحديات الأمنية والسياسية والاجتماعية. وقد أجمع المشاركون في الجامعة على وجود ضعف يعتري المشاركة السياسية للشباب المغاربي على مستوى الانضمام للأحزاب والمشاركة في الانتخابات..، وتمت دعوة الأحزاب السياسية إلى تطوير أدائها والانفتاح على تطلعات الشباب، مع استحضارهم ضمن السياسات العمومية، وضمن مخرجات الإعلام، كما تم التأكيد على أهمية انخراط الشباب في مواكبة الشأن المحلي، ونبّه المتدخلون إلى أهمية المدخل الاقتصادي في مصالحة الشباب مع الشأن السياسي، فيما أجمع المشاركون على أهمية تنظيم لقاءات تواصلية بين الشباب في دول المنطقة لدعم البناء المغاربي على مختلف الواجهات.

كما تم التأكيد على أن الحاجة باتت ملحة اليوم إلى تصريف فعلي للإرادات السياسية للاعتراف بالشباب والثقة في قدراتهم على الالتزام والمساهمة في تقوية الذكاء الجماعي، وعلى ضرورة تشجيع الشباب من خلال آليات ديمقراطية تحفيزية كتقنية الكوطا، وإيجاد بيئة سليمة لممارسة عمل سياسي ومدني حقيقي يمنح الفرص للشباب من أجل مشاركة سياسية فاعلة.

كما تمت الدعوة إلى إيلاء الاهتمام بالشباب القروي، وإلى تحديد البنيات الذهنية الثابتة والمتحولة للشباب والتي تفسح المجال أمام إمكانية تعديل تمثل الشباب حول السياسة، وتدعيم و تشجيع الإنتاج العلمي حول الشباب. كما دعا المشاركون إلى إدراج الإبداع بروافده المختلفة كأحد المكونات الأساسية للبرنامج العام للجامعات الصيفية المقبلة.