الرئيسية » 24 ساعة » أزمة خطاب سياسي

أزمة خطاب سياسي

nb-386x330

كمال أشكيكة

منذ انطلاق الحملة الانتخابية، ونحن نتابع التجمعات الخطابية لمن يسمون أنفسهم زعماء للأحزاب السياسية. فرغم اختلاف إديولوجياتهم، ومرجعياتهم، إلا أن خطابهم متشابه.

صحيح أن الأحزاب قد طورت أشكال حملاتها الدعائية، وانخرطت في التكنولوجيا بشكل كبير، واستثمرت مواردها المالية والبشرية في تحديث وسائل حملاتها الانتخابية.. إلا أن خطاب زعمائها قد تراجع بشكل ملفت، وأصبح كلام الشوارع أقرب منه إلى الخطاب السياسي. فكلما حل زعيم حزب ما، حداثيا كان أو محافظا، بمهرجان خطابي، إلا وبدأ في تعليق فشله وفشل هيئته السياسية على خصومه، وكيل الاتهامات لهم، ونعتهم بأقبح النعوت.. وكأن من حج إلى مهرجانه يهمه معرفة أسماء زوجاتهم وأمهاتهم، أو أكلاتهم المفظلة، وألوان صباغة بيوت نومهم…

لم يعد المتتبع للشأن المغربي، يفرق بين الخطاب السياسي، وحديث رواد المقاهي. فزعيم يبكي كل ما أتيحت له الفرصة لذلك، واخر يتبرأ من والدته، في تحد مضحك.. اما زعيم أعرق الأحزاب فلم يترك حرفة إلا والتقط صور وهو يحاول تعلمها، كسائح معجب بتنوع الحرف المغربية… لكن كل هذه التصرفات الصبيانية، لن تصل إلى ما وصل إليه خطاب زعيم حزب، كنا نظن أنه يجمع بين جدران مقراته، التي نسجت عليها العناكب بيوتا لها، نخبة مثقفي الوطن، إلا أنه أصيب بكل الأزمات النفسية والمعنوية، وأصبح خطابه أقرب إلى حديث تاجر مفلس، يتأسف عن تجارته التي أفلست بعد ازدهار، وعن غناه الذي ولى… ولم يتبقى لهم من مجد الحزب إلا صور زعمائه الحقيقيين التي علقت على جدران قاعات مقراته.

إن أزمة الخطاب السياسي بالمغرب لم تقف عند زعماء الأحزاب فقط، بل تخطتهم وأصيب بعدواها جل مناضليهم، والمتعاطفين معهم. وهذا ما يشكل خطرا كبيرا على مستقبل السياسة بالبلاد، حيث أن من ينتظر أن يتسلموا مقود قيادة هذه الأحزاب، قد تأثروا بهذا الخطاب الرديء، وتخلوا عن منطقهم في التحليل، وبدأوا يغترفون كل ما جاءهم من زعمائهم دون اختيار.. وهذه الأزمة في الخطاب، ستؤدي لا محالة إلى عزوف سياسي لدى الشباب ممن يتابعون الخطابات السياسية لدى كبار السياسيين بالعالم.